الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص217
بمحظورات الإحرام ، ولأن قضاء الحج يجب بشيئين فوات ، وفساد ، فلما وجب بفوات القضاء والتكفير بشاة وجب أن يجب بالفساد القضاء والتكفير بشاة .
وتحرير ذلك قياساً أنه أحد سببي ما يجب به القضاء فوجب أن يوجب التكفير بشاة كالفوات .
ودليلنا ما روي عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى أن على الواطئ في الحج بدنة ولم يفرقوا قبل عرفة وبعد عرفة ، وليس يعرف لهم في الصحابة مخالف فكان إجماعاً ، ولأن الإحرام قبل الوقوف أقوى منه بعد الوقوف ، ثم ثبت أن الوطء يوجب البدنة بعد الوقوف اتفاقاً فأولى أن يكون يوجب البدنة قبل الوقوف حجاجاً .
وتحرير ذلك قياساً أنه وطء عمد صادق إحراماً لم يتحلل شيئاً منه فوجب أن تجب فيه بدنة كالوطء بعد الوقوف بعرفة ، ولأن كل سبب يوجب الفدية قبل الوقوف وبعده ، فالفدية الواجبة قبل الوقوف كالفدية الواجبة بعده قياساً على جزاء الصيد وفدية الأذى ، ولأن كل عبادة يجب الوطء فيها الكفارة مع القضاء فتلك الكفارة هي العليا كالوطء في رمضان ، فأما استدلاله بأن السبب الواحد لا يجوز أن يجب به التغليظ من وجهين فباطل بالوطء في الصوم ، على أن الكفارة تغليظ وقد أجمعنا على إيجابها مع القضاء وإنما الخلاف في قدرها ، وأما جمعه بين الفساد والفوات فغير صحيح ؛ لأن الكفارة إنما تغلظ لغلظ الفعل وعظم الإثم والفساد بالوطء معصية يعظم إثمها وقد لا يكون الفوات معصية يأثم بها ، فلم يجز أن يجمع بينهما في الكفارة مع افتراقهما في المعصية فهذا حكم . القسم الأول في الوطء قبل الوقوف بعرفة وكذا حكمه لو كان في عرفة .
والقسم الثاني : أن يطأ بعد الوقوف بعرفة وقبل الإحلال الأول ، فمذهب الشافعي أنه كالوطء قبل الوقوف بعرفة في وجوب الأحكام الأربعة ، وهي فساد الحج ؛ ووجوب الإتمام ، ولزوم القضاء والكفارة ، وهي بدنة .
وقال أبو حنيفة : لا يفسد حجه وعليه بدنة فوافق في البدنة بعد الوقوف وإن كان مخالفاً فيها قبل الوقوف وخالف في فساد الحج بعد الوقوف وإن كان موافقاً فيه قبل الوقوف استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج ‘ فعلق إدراك الحج بعرفة ، فوجب أن ينتفي ورود الفساد بعد عرفة ؛ لأن الفساد يمنع من إدراك الحج ، ولأنه حج لا يطرأ عليه الفوات فوجب أن لا يطرأ عليه الفساد كالوطء بعد التحلل الأول ، ولأن قضاء الحج يجب بالفوات كما يجب بالفساد ، ثم تقرر أن الفوات يسقط بالوقوف فوجب أن يكون الفساد يسقط بالوقوف .
وتحرير ذلك قياساً أن أحد سببي ما يجب به القضاء فوجب أن يسقط بالوقوف كالفوات ، ولأنه بعد الوقوف بعرفة هو ممنوع من الوطء لأجل بقاء الرمي يقع به التحلل