پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص216

الجميع في إفساد الصوم اختص الوطء بإيجاب الكفارة ولما كان الوطء وغيره من محظورات الإحرام سواء في وجوب الكفارة وجب أن يختص الوطء بإفساد الحج ، فيكون تغليظ الوطء في الصوم اختصاصه بوجوب الكفارة ، وتغليظه في الحج اختصاصه بوجوب القضاء .

فصل

: فأما الحكم الثاني وهو وجوب الإتمام : فعليه بعد إفساد حجه أن يتممه ويمضي في فاسده وهو قول جمهور الفقهاء .

وقال ربيعة وداوود : قد خرج منه بالفساد ولا يلزمه إتمامه ، وقد حكي نحوه عن عطاء استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ كل عملٍ ليس عليه أمرنا فهو رد ‘ . والحج الفاسد ليس عليه أمرنا ، فوجب أن يكون مردوداً ، ولأنه لما خرج بالفساد من الإحرام من سائر العبادات كالصلاة والصيام وجب أن يكون خارجاً بالفساد من الإحرام .

ودليلنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو ما روي عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى أنهم قالوا : إذا أفسد حجه مضى في فاسده ولا مخالف لهم ولأنه سبب قضاء الحج فوجب أن لا يخرج به عن الحج كالفوات ، فأما قوله ‘ كل عملٍ ليس عليه أمرنا فهو رد ‘ فالذي ليس عليه أمر صاحب الشرع هو الوطء وهو مردود فأما الحج فعليه صاحب الشرع وما ذكروه من سائر العبادات فالفرق بينهما وبين الحج أنه يخرج منها بالفوات فكذلك خرج منها بالفساد والحج لما لم يخرج منه بالفوات لم يخرج منه بالفساد .

فصل

: فأما الحكم الثالث : وهو وجوب القضاء وليس يعرف فيه خلاف ، أن من أفسد حجه بوطء فعليه القضاء .

والدليل على ذلك ما روي أن رجلاً أفسد حجه فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يقضي من قابلٍ ثم سأل ابن عباس فقال : يقضي من قابل ثم سأل ابن عمر فقال مثل ما قالا ، فقال له السائل : سألت عمر وابن عباس فقالا مثل ما قلت فقال ابن عمر : أتراني أخالف صاحبي ، وليس يعرف لهؤلاء الثلاثة في الصحابة مخالف ، ولأن الإحرام بالحج يوجب إتمامه والفساد يمنع من إجزائه ، فإن كان الحج فرضاً لم يسقط من الذمة ، وإن كان تطوعا فقد صار بدخوله فيه فرضا فتعلق بالذمة ، وإذا تعلق فرض الحج بذمته ولم يسقط عنه بإفساده لزمه القضاء .

فصل

: وأما الحكم الرابع وهو وجوب الكفارة : فقد اختلف قول الفقهاء في قدرها بعد اتفاقهم على وجوبها ، فذهب الشافعي أن الكفارة بدنة .

وقال الحسن : الكفارة عتق رقبة كالوطء في الصوم .

وقال أبو حنيفة : الكفارة شاة استدلالاً بأن السبب الواحد لا يجوز أن يجب به التغليظ من وجهين ، فلما لزمه القضاء تغليظاً وجب أن لا يلزمه البدنة تغليظاً ، ولزمه الشاة اعتباراً .