الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص197
جميع أيام التشريق وقتاً لنحر الأضاحي وجب أن يكون جميعها وقتاً لرمي الجمار وهو القول الثاني وهو أحد قوليه في الإملاء لا يقضى ويكون لكل يوم حكم نفسه بفوت الرمي فيه بغروب الشمس منه .
ووجه هذا القول أن الرمي في أيام منى مؤقت فلو كان جميعها وقتاً لرمي الأيام كلها لجاز له في اليوم الأول أن يرمي عن جميع الأيام لأنه وقت لها ولما لم يكن اليوم الأول وقتاً لرمي جميعها إجماعاً لم يكن اليوم الأخير وقتاً لرمي جميعها حجاجاً وليس ترك ذلك عامداً أو ناسياً ، فأما يوم النحر إذا ترك الرمي فيه حتى دخلت أيام منى فإن قيل إن لكل يوم من أيام منى حكم نفسه وأن ما ترك من الرمي فيه لا يقضيه في غده كان يوم النحر أولى أن يختص بحكم نفسه ولا يقضي ما ترك من رميه في غده ويكون وقته محدداً بغروب الشمس فيه وإن قيل إن أيام منى كلها زمان الرمي وأن ما ترك من الرمي منها قضاه فيما بقي منها ، وكان في رمي يوم النحر وجهان :
أحدهما : يقضي في أيام منى ويكون حكم الأيام الأربعة واحد ، لأن حكم الرمي واحد .
والوجه الثاني : إن رمى يوم النحر لا يقضي في أيام منى وإن استوى حكم أيام منى لأن حكم الرمي في يوم النحر مخالف لحكم الرمي في أيام منى في عدده ووقته وحكمه ورمي أيام منى متفق في عدده وحكمه ووقته ، فإذا قلنا إنه يقضي ما ترك من الرمي في أيام التشريق فله ذلك إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ويرتب على ما سنذكره إن شاء الله تعالى .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا بأس إذا رمى الرعاء الجمرة يوم النحر أن يصدروا ويدعوا المبيت بمنى في ليلتهم ويدعوا الرمي من الغد من يوم النحر ثم يأتوا من بعد الغد وهو يوم النفر الأول فيرمون لليوم الماضي ثم يعودوا فيستأنفوا يومهم ذلك ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال يجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس إذا رجموا جمرة العقبة يوم النحر أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى ويتركوا رمي الغد وهو الحادي عشر ثم يقضونه في الثاني عشر فإذا لم يقضوه في الثاني عشر عادوا في الثالث عشر وهو آخر الأيام فيرموا فيه عن جميع الأيام وهذا مخصوص في الرعاة وأهل السقاية فأما الرعاة فالدلالة على جواز ذلك لهم رواية عاصم بن عدي أن النبي ( ص ) أرخص للرعاة أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر ثم يدعوا يوماً وليلةٍ ثم يرموا من الغد . وقوله : يتعاقبوا : أي يرموا يوماً ويدعوا يوماً ولأن على الرعاة رعي الإبل وحفظها لتشاغل الناس بنسكهم عنها ولا يمكنهم الجمع بين رعيها وبين الرمي والمبيت بمنى فيجوز لهم تركه لأجل العذر .