الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص195
والدلالة عليهم حديث عائشة المتقدم ، ولأنه نسك يتكرر فوجب أن يكون ابتداؤه معيناً كالطواف .
فأما صفة الرمي فهو أن يبدأ بالجمرة الأولى ، فيعلوها علواً ويرميها بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويرفع يديه حتى يرى ما تحت إبطيه ثم يتقدم عليها فيجعلها في قفاه ويقف في الموضع الذي لا يناله ما تطاير من الحصى ثم يقف مستقبلاً للقبلة ويدعو الله تعالى بقدر سورة البقرة هكذا روي عن ابن عباس : ‘ أن النبي ( ص ) فعل ‘ ثم يأتي بالجمرة الوسطى وهي الثانية فيعلوها علواً يرميها بسبع حصيات ويضع كما صنع في الجمرة الأولى ، ثم يأتي جمرة العقبة وهي الثالثة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات ولا يعلوها كما في الجمرتين قبلها لأنها على أكمه لا يمكنه غير ذلك .
وقال مالك يرمي الجمرات كلها من أسفلها وما ذكرناه أولى لأن رسول الله ( ص ) فعله ثم السلف بعده ثم ينصرف بعد رمي جمرة العقبة ولا يصنع عندها كما صنع عند الجمرتين من قبل ، ثم يصلي الظهر بعد رميه فإن رمى بعد صلاة الظهر أجزأه وكذا لو ترك الذكر والدعاء لم يفتد ثم يرمي في اليوم الثاني والثالث كذلك في الجمرات الثلاث واختلف الناس في تسميتها جمرة فقال قوم إنما سميت جمرة لاجتماع الناس بها ومنه ما روي عن النبي ( ص ) أنه نهى عن التجمير يعني : اجتماع الرجال والنساء في الغروات وقال آخرون : سميت بذلك ؛ لأن إبراهيم عليه السلام ، لما عرض له إبليس هناك فحصه جمر من بين يديه أي : أسرع والإجمار الإسراع .
وقال آخرون : سميت بذلك لأنها تجمر بالحصى والعرب تسمي الحصى الصغار جماراً .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإن رمى بحصاتين أو ثلاثٍ في مرةٍ واحدةٍ فهن كواحدةٍ ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال المقصود من رمي الجمار شيئان أعداد الحصى وأعداد الرمي فعليه أن يرمي بسبع حصيات في سبع مرات فإن رمى بهن دفعة واحدة قام مقام حصاة واحدة ولم يجزه عن السبع .
وقال أبو حنيفة : الاعتبار بأعداد الحصى فإن رمى بالسبع دفعة واحدة أجزأه وقال عطاء : المقصود أعداد التكبير والحصى دون الرمي فإذا رمى بالسبع دفعة أجزأه إذا كبر سبعاً وإن لم يكبر سبعاً لم يجزه .
والدلالة عليها رواية عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) كان يرمي في كل جمرةٍ بسبع حصياتٍ يكبر مع كل حصاةٍ ‘ وكان تكبير النبي ( ص ) مع كل حصاة دليلاً على أنه رمى