الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص192
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ومن حلق قبل أن يذبح أو نحر قبل أن يرمي أو قدم الإفاضة على الرمي أو قدم نسكاً قبل نسكٍ مما يفعل يوم النحر فلا حرج ولا فدية واحتج بأن النبي ( ص ) ما سئل يومئذٍ عن شيء قدم أو أخر إلا قال ‘ افعل ولا حرج ‘ .
قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة ، وذكرنا أن من السنة أن يبدأ في يوم النحر بالرمي ثم بالنحر ثم بالحلق ثم بالطواف لترتيب النبي ( ص ) في حجه ، فإن قدم بعض ذلك على بعض أجزأه على ما ذكرنا من قبل .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويطوف بالبيت طواف الفرض وهي الإفاضة وقد حل من كل شيء النساء وغيرهن ‘ .
قال الماوردي : قد ذكرنا أنه يفعل يوم النحر أربعة أشياء : ثلاثة منها بمنى وهي الرمي والنحر والحلاق ، والرابعة بمكة وهي الطواف ، ويسمى طواف الإفاضة ، أي الإفاضة من عرفات ، ويسمى طواف الصدر يعني حين يصدر الناس من منى ، ويسمى طواف الزيارة لزيارتهم البيت بعد فراقهم له ، ويسمى طواف الفرض ؛ لأنه ركن مفروض لا يتم الحج إلا به ، والدلالة على وجوبه قوله تعالى : ( ثُمَّ لِيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوْفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) ( الحج : 29 ) ، ولرواية جابر وابن عمر أن النبي ( ص ) لما رمى الجمرة بمنى وذبح أفاض إلى مكة وطاف وروي أن النبي ( ص ) ما طاف طواف الإفاضة طلب الخلوة مع صفية فقيل : إنها حائض ، فقال : عقرى حلقي إلا حبستنا فلولا أنه ركن لا يجوز تركه لم تكن حابسة له ، فإذا ثبت أنه ركن واجب فأول زمان فعله بعد نصف الليل من ليلة النحر ؛ لأنه أول نهار التحلل ، ووقته في الاختيار قبل زوال الشمس من يوم لنحر ، فإذا طاف وسعى نظر ، فإن كان قد سعى قبل عرفة فقد حل من إحرامه واستباح جميع ما حظر عليه ، وإن لم يكن سعي قبل عرفة سعي بعده وكان على إحرامه ، ولا يتحلل منه الإحلال الثاني حتى يسعى سبعاً بعد طوافه ثم يتحلل حينئذ ولا يبقى عليه من حجه إلا رمي أيام منى ، والمبيت بها ، فإن أخر الطواف عن يوم النحر فقد أساء إذا كان تأخيره من غير عذر ، وعليه أن يطوف في أيام التشريق أو بعدها ، فإن لم يطف حتى عاد إلى بلده كان على إحرامه حتى يعود فيطوف ، فإذا طاف قد حل ، ولا دم عليه في تأخيره ، فإن كان قد طاف طواف الوداع كان عن فرضه ، وتحلل به من إحرامه وأجزأه ، لأن أركان الحج إذا تطوع بها وكان عليه فرض من جنسها انصرفت إلى مفروضها وعليه دم طواف الوداع .
وقال أبو حنيفة : إذا أخر طواف الزيارة عن أيام التشريق فعليه دم ؛ لتأخيره ، وهذا غير صحيح ؛ لأن وقته المسنون يوم النحر ، ثم لا يلزمه الدم بتأخيره إلى أيام التشريق ، لأنه في