الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص182
لأنه صلاها قبل طلوع الفجر ، ثم يركب بعد صلاة الصبح حتى يأتي قزح فيقف فيه مستقبل القبلة ، ويدعو سراً كما دعا بعرفة ، ويرفع يديه للدعاء قال الله تعالى : ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ ) ( البقرة : 198 ) فقيل إن قزح هو المشعر وقيل : إنه الجبل الذي في ذيله المشعر والمشعر المعلم ، والمشاعر المعالم ، ومنه قوله تعالى : ( لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهَ ) ( المائدة : 2 ) أي : معالم الله ، وليس ذلك بنسك ولا دم على تاركه ، ثم لا يزال واقفاً عند المشعر إلى أن يسفر الصبح ، فإذا أسفر ورأت الإبل مواقع أخفافها دفع إلى منى قبل طلوع الشمس ، اقتداء برسول الله ( ص ) واتباعاً لأمره ، وروى ابن طاوس عن أبيه أن النبي ( ص ) قال : ‘ كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس ، ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير كيما نغير فأخر الله هذه وقدم هذه ‘ يعني : قدم المزدلفة قبل طلوع الشمس ، وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس .
وروى محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة قال : خطبنا رسول الله ( ص ) وهو بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : وكانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس إذا كانت على رؤوس الجبل كأنها عمائم الرجال على رؤوسها ، وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس ، يخالف هدينا هدي أهل الأوثان والشرك ‘ ، فإن دفع منها بعد طلوع الشمس كان مخالفاً للسنة ولا دم عليه ، لأنه ليس بنسك .
فلما أوضع النبي ( ص ) في بطن محسر احتمل أن يكون لسعة المكان وهبوط الراحلة ، واحتمل أن يكون ندباً ، فأما ما روي عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم أوضعوا بمثابة ندب