الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص181
حصول الحصى في الجمرة برميه ، فلو وقعت فوق الجمرة ثم انحدرت بنفسها وانقلبت حتى حصلت في الجمرة فعلى وجهين :
أحدهما : يجزئه ، لأن انحدارها عن فعله ، فكان حصولها فيه منسوباً إلى رميه .
والوجه الثاني : لا يجزئه ، لأن انحدارها من علو ليس من حموة رميه ولا فعله ، وإنما هو كإطارة ريح أو حمل ، قيل : ولو وقعت دون الجمرة ثم تدحرجت وانحدرت بنفسها حتى وقعت في الجمرة كان على هذين الوجهين . فلو رمى حصاة دون الجمرة ، فاندفعت الثانية ووقعت في الجمرة واستقرت الأولى دون الجمرة لم يجزه ؛ لأنه لم يرم الثانية فتحسب بها ولا وصلت الأولى إلى الجمرة فيعتد بها ، فلو رمى حصاة فلم يعلم هل وقعت في الجمرة فيعتد بها أو في غيرها مجاوزة أو مقصرة فلا يعتد بها فعلى قولين :
أحدهما : وهو قوله في الجديد لا يجزئه وهو الصحيح ، لأنه متردد بين جوازين فلم يسقط بالشك ما لزمه باليقين .
والقول الثاني : حكاه عنه الزعفراني في القديم : إنه يجزئه ؛ لأن الظاهر حصول الرمي في الجمرة ، ولعله قال ذلك في القديم أنه حكاه عن غيره .
والوجه الثاني : لا يجزئه ؛ لأنها استقرت بانتهاء الرمي خارج الجمرة ، فلو أخذ الحصى بيده ولم يرمه ولكن مشير إلى الجمرة فوضعها فيها وضعاً لم يجزه ، وكذا لو دفع الحصاة برجله وكسحه حتى حصل في موضعه لم يجزه ؛ لأن عليه رمي الحصى فيه ؛ وكذا لو رماه عن قوس لم يجزه .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإذا أصبح صلى الصبح في أول وقتها ثم يقف على قزحٍ حتى يسفر قبل طلوع الشمس ثم يدفع إلى منى فإذا صار في بطن محسر حرك دابته قدر رمية حجرٍ ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا بات الإمام والناس معه بمزدلفة صلى الصبح في أول وقتها مع طلوع الفجر الثاني ، فقد روي عن ابن مسعود قال : ‘ ما صلى رسول الله ( ص ) صلاة قبل وقتها ، إلا صلاة الصبح بجمع ‘ يعني قبل وقتها الذي كان يصليها فيه من قبل ؛