الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص155
حين يدعو ، فقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ‘ رأيت رسول الله ( ص ) يلصق صدره ووجهه بالملتزم ‘ وهو ما بين الحجر الأسود والباب في وجه الكعبة وليكن من دعائه ما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه عن رسول الله ( ص ) ‘ اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي ، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي أسألك إيماناً يباشر قلبي ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبته عليّ ورضى لقضائك لي ‘ وروى سعيد بن جبير أنه يستحب أن يدعو في الملتزم بين الحجر والباب ربي اغفر لي ذنوبي ، ومتعني بما رزقتني ، وبارك لي واخلف علي كل عاقبةٍ بخيرٍ .
قال الماوردي : أما السعي سبعاً بين الصفا والمروة فركن واجب في الحج والعمرة فإن ترك منه سعياً واحداً أو ذراعاً من سعي واحد كان على إحرامه وإن عاد إلى بلده حتى يعود فيأتي به ، وهو في الصحابة قول عائشة وابن عمر وجابر ، وفي الفقهاء قول مالك وأحمد .
وقال ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس : السعي ليس بواجب وقال أبو حنيفة هو واجب لكن ينوب عنه الدم وتحقق مذهبه أنه غير واجب واستدلوا بقوله تعالى : ( إنَّ الصَفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرَ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَفَ بِهِمَا ) ( البقرة : 158 ) فأخبر برفع الحرج والجناح عمن يطوف بهما ، وذلك مستعمل فيما كان مباحاً ولم يكن واجباً كما قال تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحُ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ ) ( النساء : 101 ) فكان القصر مباحاً ولم يكن واجباً ، ولأن ابن مسعود وأبياً وابن عباس يقرؤون ‘ فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ‘ وهذه قراءة ثلاثة من الصحابة فوجب رفع الجناح