پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص154

فإذا قلنا إن ذلك مستحب فصلاهما جالساً مع القدرة على القيام أجزأ كسائر السنن والنوافل ، وإذا قلنا إن ذلك واجب فإن صلاهما جالساً مع العجز عن القيام أجزأه ، وإن كان مع القدرة على القيام فعلى وجهين :

أحدهما : لا يجزئه لرواية ابن عباس أن النبي ( ص ) طاف راكباً ثم نزل فصلى خلف المقام فلو جاز فعلهما جالساً لأجزأه فعلهما راكباً ، فلما نزل وصلاهما على الأرض دل على أن فرضها القيام كسائر الصلوات الواجبات .

والوجه الثاني : يجزئه ؛ لأنهما من أحكام الطواف وتبعه فلما جاز أن يطوف راكباً ومحمولاً مع القدرة على المشي جاز أن يصلي ركعتي الطواف قاعداً مع القدرة على القيام ، وسواء في ذلك طواف الحج والعمرة وطواف القدوم والزيارة والوداع كل ذلك مأمور به في كل طواف .

فصل

: ويختار أن يدعو عقيبهما بما روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي ( ص ) عمدا إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قال : ‘ اللهم بلدك ومسجدك الحرام وبيتك الحرام ، أنا عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، أتيتك بذنوب كثيرة ، وخطايا جمة ، وأعمال سيئةٍ ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك الحرام وقد جئت طالباً رحمتك متبعاً مرضاتك وأنت مننت عليّ بذلك فاغفر لي وارحمني إنك على كل شيء قدير ‘ .

فصل

: فإن ترك ركعتي الطواف عامداً أو ناسياً : فإن قلنا : إنهما مستحبتان فلا قضاء عليه ولا دم ، وإن قلنا إنهما واجبتان قضاهما في الحرم وغيره ولا دم عليه .

وقال سفيان الثوري : إن قضاهما في غير الحرم لم يجزه .

وقال مالك : إن قضاهما في غير موضعهما فعليه دم ، وهذا غير صحيح ؛ لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما طاف بالبيت نظر ، وإذا بالشمس لم يتم طلوعها ، فركب حتى أناخ بذي طوى فصلاهما هناك ، ولأن ركعتي الطواف ليستا بأوكد من سائر المفروضات فلما لم يختص شيء منه الفرائض بموضع فركعتا طواف أولى أن لا يختص بموضع .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ثم يعود إلى الحجر فيستلمه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فرغ من ركعتي الطواف عاد إلى الحجر فاستلمه ، فقد روي ذلك عن النبي ( ص ) ، ويستحب أن يأتي المتلزم فيدعو عنده . فقد روى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ ما بين الركن والمقام ملتزم من دعا من ذي حاجة أو ذي كربةٍ أو ذي غم فرج عنه بإذن الله ‘ ويختار أن يلصق صدره ، ووجهه بالملتزم