پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص152

روى عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي ( ص ) قالت شكوت إلى رسول الله ( ص ) أني أشتكي فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت ورسول الله ( ص ) حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ : ( وَالطُّورِ وِكِتَابٍ مَسْطُورٍ ) ( الطور : 1 ) قال : فإذا طاف رسول الله ( ص ) راكباً لشكوى وأذن لأم سلمة رضي الله عنها أن تطوف راكبة لشكوى دل ذلك على حظر الطواف راكباً من غير شكوى ، ومن فعل في الحج محظوراً لزمه الجبران .

وهذا الذي قاله غير صحيح .

والدلالة على أنه طاف بغير شكوى رواية سفيان عن أبي طاوس عن أبيه أن رسول الله ( ص ) أمر أصحابه أن يتجزوا بالإفاضة وأفاض بنسائه ليلاً فطاف على راحلته يستلم الركن بمحجنة أحسبه قال ويقبل طرف المحجن وروي عن جابر أن النبي ( ص ) إنما ركب ليراه الناس ، وفي هذا دلالة على أنه لم يركب من شكوى .

قال الشافعي : ولا أعلمه في تلك الحجة اشتكى ، ولأنه ركن لو أداه ماشياً لم يجبره بدم ، فوجب إذا أداه راكباً أن لا يجبره بدم كالوقوف وغيره ، ولأنه طاف راكباً فوجب أن لا يلزمه لجبرانه دم كالمريض ، فأما ما استدل به فغير دالٍ له ، لأنه يقتضي أن لا يجوز طواف الراكب لغير عذر ، وقد أجمعنا على جواز طوافه ، وإنما اختلفنا في وجوب الدم لجبرانه ، وليس في ذلك دليل عليه ، فإذا ثبت أن ذلك مجزئ ، ولا دم فيه فهو مكروه لغير المعذور ، لأن النبي ( ص ) إنما فعل ذلك مرة واحدة ؛ لأنه أحب أن يشرف للناس ليسألوه وليس لأحد في هذا الموضع مثله .

فكذا لو طاف محمولاً على أكتاف الرجال لغير عذر وكرهناه ، فإن كان معذوراً بمانع من مرض أو زمانه فالأولى أن يطوف محمولاً ولا يطوف راكباً ، فإن طاف راكباً كان أيسر حالاً من ركوب غير المعذور وركوب الإبل أيسر حالاً من ركوب البغال والحمير ، فإن طاف محمولاً وكل واحد منهما محرم عليه طواف قد نواه عن نفسه ففيه قولان :

أحدهما : أن يكون الطواف عن الحامل دون المحمول ، لأنه أصل والمحمول تبع .

والقول الثاني : يكون الطواف عن المحمول دون الحامل ؛ لأن الحامل قد صرف عمله إلى معونة المحصول .

وقال أبو حنيفة : يكون الطواف عن الحامل والمحمول جميعاً ؛ استدلالاً بأنه لو حمله بعرفة أجزأهما عن وقوفهما فكذلك في الطواف يجزئهما عن طوافهما .