الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص148
رسول الله ( ص ) أن ينادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وأن لا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، فناديت حتى بح صوتي ‘ .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الطواف لا يجزئ إلا بطهارة من حدث ونجس ، فإن أحدث في طوافه ، أو حصلت على بدنه أو ثوبه نجاسة ، لم يجزه البناء ، وعليه أن يخرج من طوافه ويتطهر .
قال الشافعي : فإن حصلت في نعله نجاسة وهو في الطواف خلعها ، فإن لم يخلعها ومضى في طوافه لم يجزه ؛ لأن استدامة الطهارة واجبة في جميعه ، فإذا ثبت أن عليه الخروج من طوافه للطهارة ، فخرج وتطهر ثم عاد . فإن كان الزمان قريباً بنى على الماضي من طوافه وأجزأه ، لأنه يسير التفريق في الطواف مباح ، لإجماعهم على إباحة جلوسه للاستراحة . وإن كان الزمان بعيداً ، ففي جواز البناء قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم : يستأنف ولا يبني ؛ لأنها عبادة من شرط صحتها الطهارة ، فوجب أن يكون من شرط صحتها الموالا كالصلاة .
والقول الثاني : قاله في الجديد : يبني ولا يستأنف ؛ لأنها عبادة تصح مع التفريق اليسير ، فوجب أن يصح مع التفريق الكثير ، كسائر أفعال الحج طرداً والصلاة عسكاً ، وسواء كان الحدث منه سهواً أو عمداً .
فإن قلنا : يستأنف ألغى ما مضى وابتدأ به مستأنفاً .
وإذا قلنا : يبني ، نظر . فإن كان خروجه من الطواف عند إكماله طوفته عند الحجر الأسود ، عاد فابتدأ بالطوفة التي تليها من الحجر . وإن كان قد خرج في بعض طوفته قبل
انتهائه إلى الحجر الأسود ، فعلى وجهين :
أحدهما : يستأنفها من أولها ولا يبني على ما مضى منها ؛ لأن التفريق بين أعداد الأطواف جائز ؛ لأن لكل طوفة حكم نفسها ، وليس كذلك الطوفة الواحدة ، لا يستوي حكم جميعها ، فجاز أن يبني على أعدادها . ولم يجز أن يبني على أبعاض آحادها .
والوجه الثاني : وهو أصح . يبني على ما مضى منها ؛ لأنه لما استوى حكم التفريق اليسير في الطوفة الواحدة والأطواف ، وجب أن يستوي حكم التفريق الكثير في الطوفة الواحدة والأطواف ، وكذلك حكم الخارج من طوافه لحاجة ، كحكم الخارج من طوافه لحدث فإذا أعاد ليبني كان على ما مضى .