الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص139
فصل
: فأما العذر : فهو أن يكون مريضاً ، أو عنده مريض ، أو يحتاج إلى ارتياد مسكن ، أو إحراز رجل فهذا معذور بتأخير الطواف ، فإذا دخل مكة لم يقصد المسجد إلا بعد زوال عذره ؛ لأن قصد المسجد إنما يراد للطواف ، فإذا عذر بتأخير الطواف عذر بتأخير الدخول إلى المسجد ، فإذا زال عذره قصد البيت فطاف به سبعاً .
فصل
: وأما حضور ما هو أولى منه ، فهو أن يجد الناس في صلاة جماعة وقد دخل المسجد ، فيبدأ بصلاة الجماعة قبل الطواف ؛ لأن صلاة الجماعة فضيلة حاضرة ، والطواف شيء لا يفوت ، على أنه لو هم بالطواف منعه السير به ، وكذا لو دخل وقد أقيمت الصلاة ، لم يطف ، وصلى معهم ، فإن دخل وقد أذن المؤذنون للصلاة ، فإن كان بين الأذان والإقامة زمان يسير لا يتسع للطواف ، كأذان المغرب ، لم يطف ، لكن يستحب أن يصلي ركعتين تحية المسجد ، ثم يصلي الجماعة ، ثم يطوف ، وإن كان ما بين الأذان والإقامة متسعاً للطواف ، لم ينتظر الصلاة وطاف فإن أقيمت للصلاة قبل إتمام الطواف فيختار أن يقطعه على وتر من ثلاث ، أو خمس ، ولا يقطعه على شفع لقوله ( ص ) : ‘ إن الله وتر يحب الوتر ‘ . فإن قطعه على شفع جاز ، ويخرج من الطوفة عند الحجر الأسود ، ليكون قد أكملها ، فإذا فرغ من الصلاة ، عاد فبنى على طوافه وتمم ، فإن خرج من الطواف قبل أن ينتهي إلى الحجر الأسود فقد خرج قبل إتمام الطوفة ، فإذا عاد بعد فراغه من الصلاة ابتدأ من حيث قطع ، واستظهر ليتمم الطوفة التي قطعها ، ثم يبني عليها تمام سبع .
فصل
: وأما ما يخاف فوته من عباداته ، فمثل صلاة الفرض إذا ضاق وقتها أو صلاة وتر أو ركعتي فجر أو صلاة فرض كان قد نسيها ثم ذكرها ، فإنه يقدم هذا كله على الطواف ، فإذا فعله طاف بعده ، لأن هذا مما يخاف فوته ، والطواف لا يفوت .
فإن قيل : إذا كان هذا الطواف تحية المسجد كالركعتين ، فهلا استغنى بصلاة الفرض عنه كما يستغني عن الركعتين .
قيل : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الصلاة جنس فناب بعضها مناب بعض ، وليس الطواف من جنسها .
والثاني : أن صلاة الفرض في المسجد تنوب عن تحية المسجد ، والطواف تحية للبيت ، وليس بتحية للمسجد ، قال الشافعي : والرجال والنساء في ذلك سواء ، يعني في الأمر بطواف القدوم ، إلا امرأة كان لها شباب ومنظر ، فالواجب لتلك أن تؤخر الطواف إلى الليل ليستر الليل منها .
مسألة
: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويضطبع للطواف لأن النبي ( ص ) اضطبع حين طاف ثم عمر ( قال ) والاضطباع أن يشتمل بردائه على منكبه الأيسر ومن تحت منكبه الأيمن فيكون منكبه الأيمن مكشوفاً حتى يكمل سعيه ‘ .