الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص136
فصل
: والرابع : أن يسجد عليه إن أمكنه . قال الشافعي : لأن فيه تقبيلاً ، وزيادة سجود لله عز وجل . وقال مالك : السجود عليه بدعة ، ودليلنا رواية محمد بن عباد بن جعفر قال : رأيت ابن عباس قدم مكة مسبداً رأسه ، فقبل الحجر ، ثم سجد عليه ثلاثاً ، وذلك يوم التروية قال أبو عبيد : التسبيد ، ترك التدهن والغسل .
فصل
: والخامس : أن يقول عند استلامه ‘ بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيماناً بك ، وتصديقاً لكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعاً لسنة نبيك محمد ( ص ) ‘ فقد روي ذلك عن النبي ( ص ) ، وهو المختار عند الشافعي ، وقد روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عند استلام الحجر الأسود : بسم الله ، والله أكبر ، والحمد لله على ما هدانا ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، آمنت بالله وكفرت بالطاغوت وباللات والعزى وما ادعي دون الله إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ‘ . وما قال من ذكر الله وتعظيمه فحسن ، فإذا ثبت ما ذكرنا من هذه الأمور الخمسة ، فجميعها سنة غير واجبة ، إلا محاذاة الحجر الأسود لا غير ، فإن كانت زحمة لا يقدر معها على الاستلام والتقبيل إلا بزحام الناس ، نظر ، فإن كان إن صبر يسيراً خف الزحام ، وأمكنه الاستلام صبر ، وإن علم أن الزحام لا يخف ، ترك الاستلام ولم يزحم الناس وأشار إليه رافعاً ليده ثم يقبلها . وحكى عن طائفة ، أن الزحام عليه أفضل . فروي عن سالم بن عبد الله قال : كنا نزاحم ابن عمر على الركن ، وكان عبد الله لو زاحم الإبل لزحمها . وروي عن طلحة بن يحيى بن طلحة ، قال : سألت القاسم بن محمد عن استلام الركن فقال : استلمه يابن أخي وزاحم عليه ، فإني رأيت ابن عمر يزاحم عليه حتى يدمى .
والدلالة على أن الزحام مكروه ، رواية سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ إنك رجل قوي لا تؤذي الضعيف ، فإذا أردت أن تستلم الحجر ، فإن كان خالياً فاستلمه ، وإلا فاستقبله وكبر ‘ . وروي عن ابن عباس أنه قال : لا تزاحم على الحجر لا تؤذي ولا يؤذى ، لوددت أن الذي زاحم على الحجر نجا منه كفافاً .
فصل
: أما النساء فلا يختار لهن الاستلام ولا التقبيل ، إذا حاذين الحجر ، أشرن إليه . قد روى عطاء ‘ أن امرأة طافت مع عائشة فلما جاءت الركن قالت المرأة يا أم المؤمنين ألا تستلمين فقالت عائشة وما للنساء واستلام الركن امض عنك ، وأنكرت عائشة ذلك على مولاة لها . فإن أرادت المرأة تقبيل الحجر ، فعلت ذلك في الليل عند خلو الطواف .