الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص134
فإن قيل هلا كانت تحية البيت صلاة ركعتين كسائر المساجد .
قيل : لما كان البيت أفضل من سائر المساجد ، وجب أن تكون تحيته أفضل من تحية سائر المساجد ، والطواف أفضل من الصلاة ، لرواية عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ ينزل الله تعالى على هذا البيت في كل يوم عشرين ومائة رحمةً ، ستون منها للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين فيجعل للطائف أكثر من أجر المصلي ‘ . فدل على أن الطواف أفضل من الصلاة . وروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ أكرم سكان أهل السماء على الله ، الذين يطوفون حول عرشه ، وأكرم سكان أهل الأرض ، الذين يطوفون حول بيته ‘ . وروى الحسن قال : سمعت أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لو أن الملائكة صافحت أحداً ، لصافحت الغازي ، والطواف بالبيت خوض في الرحمة ، وإن الله تعالى ليباهي بالطائفين الملائكة ‘ . وهذا الطواف سمي طواف القدوم ، وطواف الورود ، وطواف التحية ، وليس بنسك ، فإن تركه تارك ، فحجه يجزئ ، ولا دم عليه . قال أبو ثور : هو نسك ، لحجة المحرم ، وعلى تاركه دم . قال مالك : إن تركه مرهقاً ، أي مستعجلاً ، فلا شيء عليه ، وإن تركه مطيقاً ، فعليه دم . وهذا خطأ ؛ لأن هذا الطواف تحية البيت ، وليس بنسك يتعلق بالحج ، ألا ترى أنه لو ضاق بهم الوقت ، فتوجهوا إلى عرفة ، يسقط عنهم ، ولو كان نسكاً ، لزمهم أن يقضوا إذا عادوا ، أو يفتدوا بدم ، فثبت أنه ليس بنسك .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أراد الطواف ، فيجب أن يبتدئ بالحجر الأسود ، ولأن رسول الله ( ص ) بدأ به ، ثم يصنع خمسة أشياء :
أحدها : أن يحاذيه بيديه لرواية ابن عمر أن النبي ( ص ) لما دخل المسجد ، استقبل الحجر فإن حاذى جميع الحجر بجميع بدنه كان أولى ، وإن حاذى بعض الحجر بجميع بدنه ، أجزأه ، لأن لما كان المستقبل لبعض الكعبة بجميع بدنه كالمستقبل لجميع الكعبة ، وجب أن يكون المحاذي لبعض الحجر بجميع بدنه ، كالمحاذي لجميع الحجر ، وإن حاذى جميع الحجر ببعض بدنه ، أو حاذى بعض الحجر ببعض بدنه ، ففيه قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم : يجزئه ، لأن ما تعلق بالبدن ، فحكم البعض منه حكم الجميع ، كالجلد .