پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص125

فأحدهما : ما رواه أيوب عن ميمون بن مهران قال : كتب إلى عمر بن عبد العزيز وميمون يومئذ على الجزيرة إذ سأل يزيد بن الأصم ، وكان ابن أخت ميمونة كيف تزوج رسول الله ( ص ) ميمونة بنت الحارث ، فقال تزوجها حلالاً وبنى بها بسرف حلالاً وماتت بسرف فهو ذاك قبرها بسرف تحت السقيفة أو تحت العقبة ‘ .

والطريق الثاني : ما رواه سليمان بن يسار أن النبي ( ص ) أنفذ أبا رافع ورجلاً من الأنصار ، وقيل جعفر بن أبي طالب وهو بالمدينة إلى ميمونة فتزوجها ، وكانت جعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب ، وهو زوج أختها أم الفضل ، فزوجها ، ثم إن النبي ( ص ) خرج معتمراً في ذي القعدة سنة سبع عشرة العصيبة ، فأخذها بمكة وبنى بها بسرفٍ .

والطريق الثالث : ما روى ميمون بن مهران قال : كنت جالساً إلى عطاء بن أبي رباحٍ ، فسمعته يخبر رجلاً أن النبي ( ص ) خطب وهو حرامٌ وملكها وهو حرامٌ . فلما تصدع من عنده وحوله ، حدثه حديث يزيد بن الأصم قال : فانطلق بنا إلى صفية بنت شيبة ، فانطلقنا حتى دخلنا عليها فإذا عجوز كبير ، فسألها عطاء عن ذلك فقالت : خطبها رسول الله ( ص ) وهو حلالٌ ونكحها وهو حلالٌ ودخل بها وهو حلال .

فكانت هذه الأحاديث أولى من حديث ابن عباس لأن يزيد بن الأصم ابن أختها ، وسليمان بن يسار عتيقها ، و ابن عباس إذ ذاك طفل لا يضبط ما شاهد ، ولا يعي ما سمع ، لأن رسول الله ( ص ) مات ولابن عباس تسع سنين ، وكان تزويج ميمونة قبل موته بثلاثة سنين ، على أن ابن عباس كان يرى أن من قل هديه وأشعر صار محرماً فيجوز أن تكون بروايته أنه نكحها وهو محرم بعد تقليد هديه وإشعاره ، وقيل عقد الإحرام على نفسه .

وأما قياسهم على الرجعة ، فلا يصح على أصلهم ، لأنهم قالوا : استباحة بضع ، والرجعة غير محرمة عندهم على أن الرجعة أخف حالاً من ابتداء العقد ؛ لأنه استصلاح خلل في العقد ، ألا تراه لا يفتقر إلى ولي ولا إلى إيجاب وقبول وأما قياسهم على شراء الإماء ، فليس المقصود منه الاستمتاع ، وإنما المقصود منه التجارة وطلب الربح أو الاستخدام فلذلك جاز شراء من لا يحل له من أخواته وعماته ، فلذلك لم يمنع منه الإحرام ؛ لأنه لا يمنع من مقصوده وعقد النكاح مقصوده الاستمتاع فمنع منه الإحرام لأنه يمنع من مقصوده ، وأما قولهم : إنما منع الإحرام من ابتدائه منع من استدامته ، فباطل بالطيب ؛ لأن الإحرام يمنع من ابتدائه ولا يمنع عندنا وعند أبي حنيفة من استدامته .

وأما قولهم : إنما منع منه الإحرام تعلق به الفدية ، فباطل بالصيد ؛ لأنه يمنع من قتله