پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص123

قال الماوردي : وحكي عن مالك أنه منع المحرم من الحجامة ؛ لأنه يقطع الشعر وبه قال من الصحابة : ابن عمر رضي الله عنه ، ومن التابعين الحسن ، والدلالة على جواز الحجامة ، رواية ابن عباس أن النبي ( ص ) احتجم بالقاحة وهو صائم ، محرم بالقرن . وروى حميد عن أنس ‘ أن النبي ( ص ) احتجم بلحي جملٍ وهو محرم في وسط رأسه ‘ وروى جابر ‘ أن النبي ( ص ) احتجم من ونىً كان به ‘ . وكذلك لا بأس أن يفتصد ويبط جرحاً ؛ لأن الفصاد شرطة من شرطان الحجامة . فأما قولهم : إن الحجامة تقطع الشعر .

قلنا : إن قطع الشعر ، فعليه الفدية .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا ينكح المحرم ولا ينكح ؛ لأن النبي ( ص ) نهى عن ذلك وقال فإن نكح أو أنكح فالنكاح فاسد ‘ .

قال الماوردي : اختلف الناس في نكاح المحرم وإنكاحه ، فمذهب الشافعي أن نكاحه وإنكاحه باطل .

وقال أبو حنيفة وصاحباه : جائز استدلالاً ، بعموم قوله تعالى : ( فَانْكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( النساء : 3 ) وقوله ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) ( النساء : 24 ) وبرواية عكرمة عن أبو عباس : أن النبي ( ص ) نكح ميمونة وهو محرمٌ . ولأنه قول يستباح به البضع ، فوجب أن لا يمنع منه الإحرام كالرجعة ، ولأنه عقد يملك به البضع ، فوجب أن لا يمنع من الإحرام ، كشراء الإماء ولأنه منع الإحرام من ابتداء النكاح ، منع من استدامته كاللباس ، فلما جاز استدامته ، جاز ابتداؤه . ولأن ما منع منه الإحرام ، تعلقت به الفدية ، كسائر النواهي ، فلما لم تجب الفدية فيه لم يمنع الإحرام منه .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عبد الله أراد تزويج ابنته طلحة بنت بن جبير ، فبعث إلى أبان بن عثمان وكان أمير الحاج وكانا محرمين فأنكر ذلك عليه أبان وقال : سمعت عثمان بن عفان يقول : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ لا ينكح المحرم ولا يُنكح ‘ .

فإن قيل : نبيه بن وهب ضعيف قيل : قد روى عنه مالك بن أنس ، وأيوب السختياني ، وحسبك بهما ، ثم روى عنه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، من بعدهما على أن القصة مشهورة ، قد حكاها عن أبان سعيد بن المسيب وغيره .