الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص120
والقول الثاني : إنها وجبت على المحرم ثم له أن يرجع بها على الحالق ، وجعل ذلك مبنياً على اختلاف قوليه في شعر المحرم ، وهي يجري عنده مجرى الوديعة في يده فلا يلزمه الضمان إلا بالتعدي ؟ أو مجرى العارية فيلزمه الضمان بكل حال ؟ والأول أصح ؛ وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وأكثر أصحابنا .
أصحهما : يجزئه ؛ لأن الوجوب مستقر عليه فكان مخيراً فيه .
والثاني : لا يجزئه ، مخرج من القول الذي يزعم أنه لو أعسر بها تحملها المحرم عنه ، فأما المحرم ، إذا أوجبنا عليه تحمل الفدية عند إعسار الحالق ، أو غيبته ، فهو مخير بين الدم ، والإطعام ، فأما الصيام ، فإنه لا يجزئه ؛ لأنه يتحمل عن غيره ، وأعمال الأبدان لا يجوز تحملها عن الغير ، بأن افتدى بالدم ، أو الإطعام ، ثم أيسر الحالق بعد إعساره ، أو قدم بعد غيبته ، نظر ، فإن كان افتدى بأقل الأمرين ثمناً ، فله الرجوع على الحالق ؛ لأنه تحمل عنه ، وإن كان قد افتدى بأكثر الأمرين ثمناً ، فعلى وجهين :
أحدهما : لا رجوع له بشيء ؛ لأنه غارم عن غيره ، فلم يكن له في إسقاط الحق شيء يقدر على إسقاطه بدونه ، وإذا لم يكن له ذلك صار كالمتطوع به . والوجه الثاني : يرجع عليه بأقل الأمرين ثمنا ؛ لأنه القدر الواجب ، والزيادة تطوع ؛ فسقط رجوعه بالتطوع ، ولم يسقط رجوعه بالواجب .
أحدهما : أن سكوته رضى يجري مجرى إذنه ، فتكون الفدية عليه ؛ لأن السكوت قد جعل في الشرع رضا يقوم مقام الإذن في البكر .
والوجه الثاني : أن سكوته ليس برضى ، ولا يقوم مقام الإذن ؛ لأنه لو جنى على ماله وهو ساكت ، لم يكن ذلك رضى منه يجري مجرى إذنه ، لمنعه من مطالبة الجاني يقوم مقامه ، كذلك هنا ، فعلى هذا تكون الجناية على الحالق على ما مضى .