الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص119
لازم ؛ لأن النكاح لا يصح إلا بولاية والإحرام يمنع من الولاية فبطل النكاح ، والشعر وجبت فيه الفدية ، لترفه المحرم به ، والحالق المحرم لا يترفه به فلم يلزمه الفدية .
قال الماوردي : أما شعر المحرم فلا يجوز أن يحلقه حلال ولا محرم ، لقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ( البقرة : 196 ) فمنع المحرم من حلق شعره ، وأراد بذلك منعه ومنع غيره ، لأن العادة جارية أن يتولى غيره حلق شعره ، فورد المنع على حسم العادة فيه ، لأن حرمة الإحرام تعلقت بعين الشعر ، فاستوى في المنع منه المحل والمحرم ، كالصيد في المحرم . فإذا ثبت هذا ، وحلق محل شعر المحرم ، فله حالان :
أحدهما : أن يحلقه بأمر المحرم .
الثاني : بغير أمره ، فإن حلقه بأمر المحرم ، فالفدية واجبة على المحرم ؛ لأن حلق شعره إذا كان عن أمره ، فهو منسوب إلى فعله ، وإن كان بغير أمره ، فله حالان :
أحدهما : أن يكون قادراً على منعه .
الثاني : أن يكون غير قادر على منعه ، فإن لم يكن قادراً على منعه ، إما لكونه نائماً أو مكروهاً ، فالفدية واجبة على الحالق قولاً واحداً ، ولأن المحرم لا صنع له في حلق رأسه ، فلم تلزمه الفدية بها ، فإن أعسر بها الحالق المحل ، أو غاب ، فهل يتحملها المحرم عنه ليرجع بها عليه أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا يجب عليه أن يتحملها ، لأنه شعر زال عنه بغير اختياره ، فلم يلزمه ضمان فديته ، كما لو تمعط عنه بمرض ، أو احتراق بنار ، فعلى هذا يكون في ذمة الحالق المحل ، وهذا أصح .
والقول الثاني : عليه أن يتحملها ، ثم له أن يرجع بها عليه لأنه شعر أزيل عنه بوجه هو مضطر فيه ، فوجب أن يكون ضمان فديته عليه ، كما لو اضطر إلى حلقه لهوام في رأسه قال المزني : ‘ وأصبت في سماعي منه ، ثم خط عليه ‘ يعني أن الشافعي رجع على هذا القول ، وهذا الذي قاله المزني ليس بشيء ؛ لأن الشافعي قد نص عليه في مختصر الحج الكبير ، ولم يخط عليه ، فهذا شرح المذهب ، وهو أصح طريقي أصحابنا وكان أبو إسحاق المروزي يخرج القولين في أصل الوجوب :
أحدهما : أنها وجبت على الحالق المحل ، ولا يلزم المحرم تحملها .