الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص114
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الحلاق إتلاف ، يستوي حكم العامد والناسي في إيجاب الفدية فيه ، والطيب ، استمتاع ، يختلف حكم العامد والناسي في إيجاب الفدية فيه ، فإذا حلق المحرم وتطيب فله أربعة أحوال :
أحدها : أن يكون عامداً ، فيهما جميعاً ، فعليه فديتان ؛ لأنهما جنسان لا يتدخلان .
والثاني : أن يكون ناسياً ، فيهما جميعاً ، فعليه فدية واحدة في الحلق ، دون التطيب .
الثالث : أن يكون عامداً في الطيب ، ناسياً في الحلق ، فعليه فديتان ؛ لأن عمده في الطيب ، يوجب الفدية ، ونسيانه في الحلق لا يسقط الفدية .
والرابع : أن يكون عامداً في الحلق ، ناسياً في الطيب ، فعليه فدية واحدة ؛ لأن نسيانه في الطيب يسقط للفدية .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في أن المحرم ممنوع من حلق رأسه إجماعاً . فإن حلق جميع رأسه ، فعليه الفدية بنص الكتاب والسنة ، وإن حلق بعض رأسه ، فعليه الفدية ، فقد اختلف الناس في قدر ما يوجب الفدية ، ويقع به التحلل ، ومذهب الشافعي أن الدم يجب في حلق ثلاث شعرات فصاعداً ، وبه يقع التحلل .
وقال أبو حنيفة : يجب الدم في حلق ربع الرأس ، ولا يجب فيما دونه ، وبه يقع التحلل ، ولا يقع فيما دونه .
وقال أبو يوسف : يجب الدم في حلق نصف الرأس ، ولا يجب فيما دونه ، وبه يقع التحلل ، ولا يقع فيما دونه .
والدلالة على وجوب الدم بحلق ثلاثة شعرات . قوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِِه أذىً مِنْ رأَسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ ) ( البقرة : 196 ) تقديره فحلق شعر رأسه ، ففدية ؛ لأن الرأس لا يحلق ، وإنما يحلق الشعر فإذا حلق من رأسه ما ينطلق عليه اسم جمع مطلق ، كان حالقاً لرأسه وثلاث شعرات ينطلق عليها اسم الجمع ؛ فوجب أن يتعلق به وجوب الدم والدلالة على أن التحلل يقع بحلق ثلاث شعرات ، أو بقصرها . قوله ( ص ) : ‘ إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيءٍ ‘ . والاستدلال من هذا الخبر ، كالاستدلال من الآية ، ولأنه محرم حلق من رأسه ما ينطلق عليه اسم الجمع المطلق ؛ فوجب أن يجب به الدم ، ويقع به التحلل كالربع .