الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص112
أقرت بما شاهدت من إقرار رسول الله ( ص ) . ولأنه مصنوع بما لا يتخذ طيباً ، فوجب أن لا يمنع منه المحرم ، كالمصنوع بالحمرة والصفرة ، ولأنه معصفر ، فوجب ألا يلزم بلبسه الفدية ، قياساً على ما لا ينقص وأما جمعهم بين المعصفر والمزعفر ، فغيره صحيح ؛ لأن الزعفران طيب في الغالب ، والعصفر ليس بطيب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا مس المحرم طيباً يابساً بيده عامداً فإن لم يبق له أثر ، ولا رائحة ، فلا فدية عليه ، وإن بقي له أثر ورائحة ، فعليه الفدية وكذلك لو بقي أثره دون رائحة فعليه الفدية . فأما إذا بقيت رائحته دون أثره ، فقد قال الشافعي ها هنا : لا فدية عليه . ونقله المزني من كتاب الأوسط .
وقال في الأم : فإن مس طيباً يابساً لا يبقى له أثر في يده ، ولا رائحة ، كرهة ولم أر عليه الفدية . فظاهر ذلك : أنه إذا بقيت الرائحة ، ففيه الفدية ، واختلف أصحابنا . فكان أكثرهم يخرجون ذلك على قولين :
أحدهما : عليه الفدية لأن المقصود هو الرائحة .
والقول الثاني : لا فدية عليه ؛ لأن الرائحة عن مجاورة ، وكان بعضهم يقول : لا فدية عليه في الرائحة قولاً واحداً على ما نص عليه الشافعي في هذا الموضع ، لأن ما قاله في الأم محتمل .
قال الماوردي : وهذا كما قال . لا بأس أن يجلس المحرم عند العطار ، أو يشتري الطيب ويبيعه ، لأنه ممنوع من استعماله ، وليس بممنوع من تملكه ، فلو وصلت رائحة الطيب إلى أنفه لم يفتد ، ما لم يسمه شيء من جسده ، لأنه لا يكون متطيباً .