الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص109
النبي ( ص ) سئل عن المحرم يدخل البستان ، ويشم الريحان فأجاز ذلك ‘ . قال الشافعي : إلا أن في إسناده ضعفاً . ولأنه نبت لا يتخذ طيباً ، فوجب أن لا يفتدي لأجله المحرم ، كالشيح ، والقيصوم .
والقول الثاني : نص عليه في الإملاء والأم أنه لا يجوز للمحرم استعماله وعليه الفدية وبه قال من الصحابة جابر وابن عمر ؛ لأنه نبت يشم طيباً ، فوجب أن يفتدي لأجله المحرم ، كالورد .
أحدها : أنه ليس بطيب على ظاهر نصه ؛ لأنه يستعمل للمنفعة والتداوي .
والثاني : إنه طيب كالورد ؛ لأن له دهناً طيباً ، وتأولوا قول الشافعي على تأويلات :
أحدها : أنه محمول على البنفسج المربى إذا ذهبت رائحته .
والثاني : محمول على البنفسج البري .
والوجه الثالث : أنه كالريحان فيكون على قولين ، فأما النيلوفر فهو كالبنفسج ؛ لأنه في معناه فأما الحليحتين المربى بالورد ، فإنه ينظر فإن كانت رائحة الورد ظاهرة فيه ، منع منه المحرم ، ولزمته الفدية فيه ، وإن كانت رائحته مستهلكة فيه ، لم يمنع ولا فدية فيه .
قال الماوردي : الدهن ضربان : طيب ، وغير طيب ، فأما الطيب فالأدهان المريبة ، بكل طيب منع منه المحرم ، كدهن الورد ، والزنبق ، والبان ، والخيري .
وأما الذي ليس بطيب كالزيت ، والشيرج ، والسمن ، والزبد والخروع ، والآسي . فأما دهن البنفسج ، والريحان ، فهو على اختلاف المذهب في منع المحرم منه .
فإن قلنا : إنه طيب يمنع منه المحرم ، كان دهنه كذلك .
وإن قلنا : ليس بطيب ، لا يمنع منه المحرم ، كان دهنه كذلك ، فأما دهن الأترج : ففيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : ليس بطيب ؛ لأن الأترج ليس بطيب ، ولا المحرم ممنوع منه ، وإنما هو مأكول .