پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص107

وأما قولهم : إن الناسي معذور ، والعذر لا يسقط الفدية كالمضطر .

قيل : هذا غلط ؛ لأن الشرع قد فرق بين عذر الناسي وعذر المضطر . ألا ترى أن الآكل في الصوم ناسياً ، معذور ولا قضاء عليه ، الآكل في الصوم مضطراً في الصوم معذور وعليه القضاء .

وأما الضرب الذي اختلف قول الشافعي فيه ، فهو الوطء ، وسيأتي إن شاء الله .

فصل

: فإذا ثبت أن الناسي في الطيب واللباس لا فدية فيه وأن العامد عليه الفدية فلا فرق بين قليل الزمان وكثيره في وجوب الفدية فيه . وقال أبو حنيفة : استدام اللباس جميع النهار فعليه الفدية وإن لم يسند به جميع النهار فلا فدية وقال أبو يوسف إن استدامه إن نصف النهار فأكثر ، فعليه الفدية ، وإلا فلا فدية . وهذا خطأ ؛ لأن كلما وجبت الفدية باستدامته في النهار كله ، وجبت الفدية بوجوده في بعضه كالطيب . ولأن ما حرمه الإحرام من الأفعال ، لم تتقدر فديته بالزمان ، قياساً على سائر المحظورات ، ولأن ما حرم من جهة الاستمتاع ، استوى حكم قليله وكثيره ، كالوطء ولأنه لما استوى حكم قليل اللباس وكثيره في وجوب الفدية فيه ، وجب أن يستوي حكم كثير الزمان وقليله في وجوب الفدية فيه ، لأن كثير اللباس في الزمان القليل كقليل اللباس في الزمان الكثير .

فصل

: فإذا لبس المحرم ، أو تطيب ناسياً ، ثم ذكر بادر إلى إزالته عن نفسه ، فإن أزاله حين ذكر . فلا فدية عليه ، وإن لم يزله في الحال ، حتى تطاول الزمان ، فله حالان :

أحدهما : أن يمكنه إزالته ، فلا يفعل . فعليه الفدية ، لأن بعد الذكر كالمبتدئ . فإن قيل : أليس لو تطيب قبل الإحرام ، واستدامه في حال الإحرام ، لم تلزمه الفدية ، فهلا قلتم : إذا تطيب ناسياً بعد الإحرام ثم استدامه في حال الإحرام ، أن لا فدية عليه .

قلنا : لأن الطيب قبل الإحرام مباح مع النسيان ، فلذلك لزمته الفدية مع الاستدامة .

والحالة الثانية : أن لا يمكنه إزالة الطيب واللباس عن نفسه ، لزمانه به ، وليس يجد من يزيله عنه ، فلا فدية عليه ، ما كان هكذا ؛ لأن أسوأ من الناسي .

فصل

: فإذا أراد المحرم إزالة ما على جسده من الطيب ، فله حالان :

أحدهما : أن يمكنه إزالته بغير الماء من المائعات الطاهرات ، كالخل أو اليابسات كالتراب ، والحشيش . فإن كان كذلك فهو مخير في إزالته بين الماء وغيره ؛ لأنه ليس بنجس ، وإنما المقصود منه ، إزالة رائحته فعلى أي وجه أزاله أجزأه ، والأولى أن يزيله بالماء .