الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص105
أحدهما : البثور . وهو قول ابن عباس .
والثاني : الصداع . وهو قول عطاء ، فأوجب الفدية على المعذور ، ليدل أن غير المعذور بالفدية أولى . وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : نزلت هذه الآية في ذلك ‘ أن رسول الله ( ص ) مر في عام الحديبية ، وأنا أرقد تحت بدنةٍ لي ، والقمل يتهافت عليّ ، فقال : يا كعب أيؤذيك هوام رأسك قلت : نعم . قال : احلق ثم انسك نسيكةً ، أو اطعم ثلاثة أصع ستة من المساكين ، أو صم ثلاثة أيام ‘ . فكان هذا الحديث معاضداً للآية في جواز الحلق ووجوب الفدية ومفسراً لما فيها من إجمال الفدية فإن حلق مراراً ، كان كما لو لبس مراراً أو تطيب مراراً فيكون على ما مضى .
قال الماوردي : وهو كما قال إذا فعل المحرم ما نهي عنه ، فهو على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما استوى حكم عامده وناسيه في وجوب الفدية فيه .
والثاني : ما اختلف حكم عامده وناسيه .
والثالث : ما اختلف قول الشافعي فيه .
فأما الضرب الأول الذي يستوي حكم العامد فيه والناسي : فهو ما كان إتلافا كحلق الشعر ، وتقليم الأظفار ، وقتل الصيد . وأما الضرب الثاني الذي يختلف فيه حكم العامد والناسي : فهو ما كان استمتاعاً سوى الوطء ، كالطيب ، واللباس ، وتغطية الرأس . فإن كان عامداً ، فعليه الفدية ، وإن كان ناسياً فلا فدية عليه ، وكذا لو كان ذاكراً للإحرام ، جاهلاً بالتحريم ، فلا فدية عليه .
وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والمزني : الناسي كالعامد ، والجاهل بالتحريم كالعالم ، في وجوب الفدية عليه ، استدلالاً بأنه استمتاع تجب الفدية بعمده فوجب أن تجب بسهوه كالوطء ولأنه معنى يمنع من الإحرام ؛ فوجب أن يستوي حكم عمده وسهوه ، كالحلق ،