پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص103

والثاني : أن يكون كله استمتاعاً ، كأنه لبس ، وتطيب . فمذهب الشافعي ومنصوصه ، أن عليه في كل واحد من ذلك فدية ، لأنهما جنسان قال ابن أبي هريرة : عليه فدية واحدة ، لذا فعله في مقام واحد ؛ لأنه استمتاع ، فكان جنساً واحداً ، وهذا خطأ ؛ لأن ما كان إتلافاً ، ففي كل واحد منه كفارة ، وإن كان الإتلاف جنساً واحداً ، فكذا الاستمتاع .

والثالث : أن يكون بعضه إتلافاً ، وبعضه استمتاعاً كأنه حلق ، وتطيب ، فعليه في كل واحد من ذلك فدية لا يختلف .

فصل

: إن كان ما تكرر من الفعل ، جنساً واحداً ، كأنه لبس ثم لبس ، أو تطيب ، ثم تطيب ، فهذا على ضربين .

أحدهما : أن يكون متوالياً في مقام واحد ، كأنه لبس قميصاً ، ثم سراويل ، ثم عمامة ، في وقت واحد ، فعليه فدية واحدة ؛ لأن الفعل إذا كان متصلاً من جنس واحد ، كان فعلاً واحداً ، وإن تكرر ، ألا ترى أنه لو قال : والله لا أكلت اليوم إلا مرة ، فابتدأ بالأكل ، ثم استدامه إلى آخر اليوم لم يحنث سوى قطع ذلك في وقت واحد أو في أوقات شتى ؛ لأن الكفارة تجب باللباس ، لا بالخلع .

والضرب الثاني : أن يكون ذلك متفرقاً في أزمان شتى ، كأنه لبس قميصاً ، ثم صبر زماناً طويلاً ، أو في يوم غيره ، ثم لبس سراويل ، ثم لبس بعده بزمان طويل عمامة ، ثم لبس بعد ذلك خفين ، فإن لبس الثاني بعد أن كفر عن الأول ، فعليه كفارة ثانية ، لا يختلف ، وكذلك في اللبس الثالث ، والرابع ، وإن لبس الثاني قبل أن يكفر عن الأول ، ثم كذلك في الثالث ، والرابع ، فهل عليه في جميع ذلك كفارة واحدة ، أو في كل لبسة من ذلك كفارة على قولين منصوصين :

أحدهما : وهو قوله في القديم : عليه لكل ذلك كفارة واحدة ؛ لأن الكفارات كالحدود . لقوله ( ص ) : ‘ الحدود كفارات لأهلها ‘ ، ثم يثبت أن الحدود تتداخل ، وإن كان الفعل في أوقات ، فكذا الكفارة تجب أن تتداخل ، وإن كان الفعل في أوقات ولأنه جنس استمتاع ، فوجب أن يتداخل كما لو كان متوالياً .

والقول الثاني : نص عليه في الجديد : وأن عليه لكل واحد من ذلك كفارة ؛ لأنها أفعال ، لو كفر عما قبلها لزمه التكفير عنها ، فوجب أن يلزمه التكفير عنها ، وإن لم يكفر عما قبلها ، كالأجناس المختلفة ، ولأنها أفعال ، لو كانت أجناساً لزمه التكفير عن كل واحد منها ، فوجب لما كانت جنساً واحداً أن يلزمه التكفير من كل واحد منها كما لو كفر عما قبلها .

فصل

: فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا بقوله في الجديد : إن عليه لكل لبسة فدية ، ولا فرق بين أن تتفق أسباب اللبس ، أو تختلف .