الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص101
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا يغطي رأسه ، وله أن يغطي وجهه ‘ .
قال الماوردي : فعليه كشف رأسه إجماعاً ، وليس عليه كشف وجهه عند الشافعي ، وهو في الصحابة قول عثمان وعبد الرحمن ، وسعد بن أبي وقاص ، وزيد بن ثابت ، وجابر ، وابن الزبير ، وقال مالك : ويحكى عن أبي حنيفة أن على المحرم كشف وجهه ، كما عليه كشف رأسه ، وهو قول ابن عمر تعلقاً برواية سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال في محرم خر من راحلته ، فوقص فمات : ‘ لا تخمروا رأسه ، ولا وجهه ‘ . ولأنه شخص محرم ، فوجب أن يلزمه كشف وجهه ، كالمرأة ، والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه ، رواية أبي الشعثاء جابر بن زيد ، عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : في محرم خر من راحلته ، فوقصته فمات : ‘ لا تخمروا رأسه ، وخمروا وجهه ‘ . ولأنه إجماع الصحابة ، لأنه مروي عمن ذكرنا منهم ، وليس يعرف لهم مخالف ، وما حكي عن ابن عمر ، فليس مخالفاً لهم ؛ لأن عنده أن ما فوق الذقن من الرأس فهو إنما أوجب كشفه لوجوب كشف الرأس ؛ ولأنه شخص محرم ، فوجب أن لا يلزمه كشفه عضوين كالمرأة .
فأما استدلالهم بالخبر ، فخبرنا أولى لزيادته ، ثم يكون مستعملاً في كشف ما لا يمكن كشف الرأس إلا به .
وأما قياسهم على المرأة ، فالمعنى فيها : أنه لما لم يجب عليها كشف غير الوجه ، وجب عليها كشف الوجه . والرجل لما وجب عليه كشف غير الوجه لم يجب عليه كشف الوجه .
أحدهما : لا فدية عليه ؛ لأن ما تجب به الفدية فلا فرق بين ما يكون لنفسه أو لغيره ، كالثوب ، فلما لم تجب الفدية في تغطيته بكف نفسه ، فكذلك لا تجب في تغطيته بكف غيره .
والوجه الثاني : عليه الفدية ، لأن كفه بعض من أبعاضه ، وليس كف غيره بعضاً من أبعاضه ، ألا ترى أنه لو سجد على كف نفسه لم يجز ، ولو سجد على كف غيره جاز ، فافترق حكمهما .