پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص100

حتى زال لون الطيب ورائحته ، جاز أن يلبسه ، وإن صبغه بسواد أو غيره ، حتى زال لونه ورائحته ، نظر فيه ، فإن ثارت له رائحة برش الماء عليه ، لم يجز له لبسه ، وفيه الفدية ، وإن لم تبن له رائحة برشٍ عليه ، جاز له لبسه ، ولا فدية فيه وإن ظهر بالصبغ رائحة الطيب دون لونه ، منع المحرم من لبسه ، ووجب فيه الفدية ، لأن المقصود من الطيب رائحته . وإن ظهر بالصبغ لونه دون رائحته جاز لبسه ، ولا فدية فيه ؛ لأن المقصود منه مفقود . قال الشافعي : ولو صبغ ثوب بورس أو زعفران ، فذهب ريح الورس والزعفران لطول لبس أو غيره ، فإن كان إذا أصابه الماء حرك ريحه وإن قل ، لم يلبسه المحرم ، وإن لم يحرك ريحه ، فإن غسل كان أحب إلي ، وإن لم يغسل رجوت أن يسعه لبسه ؛ لأن الصبغ ليس بنجس ولا أريد بالغسل ذهاب الريح ، فإذا ذهب بغير غسل رجوت أن يجزئ .

فصل

: فإذا تقرر هذا ، ولبس المحرم ثوباً مطيباً ، فعليه الفدية سواء أفضى بجلده إليه أم لا لأنه لا لبس له ، فأما إن افترشه ونام عليه ، فإن أفضى بجلده إليه افتدى ؛ لأنه متطيب ، وإن لم يفض بجلده إليه ، فكان بينه وبين ثوبه فلا فدية عليه ؛ لأنه ليس بلابس ولا متطيب ، وإنما هو للطيب مجاور ، ولكن إن كان الثوب الذي بينه وبينه يشف ، كرهنا ذلك له ، وإن كان لا يشف لم يكره له ، وهذا نص الشافعي . وجملته أن تكون هيئة المحرم مخالفة لهيئة المحل . روي أن ابن عمر رأى قوماً في الحج لهم هيئة أنكرها فقال : هؤلاء الداج فأين الحاج ؟ وفي الحاج والداج وجهان أحدهما :

أحدهما : أن الحاج إذا أقبلوا ، والداج إلى رجعوا ، وهذا قول ميسرة بن عبيد .

والثاني : أن الحاج القاصدون الحج من أصحاب الشأن ، والداج الأتباع ، من تاجر ومكارٍ وقال ثعلب : هم الحاج والداج والزاج فالحاج أصحاب الشأن والداج الأتباع والزاج المراؤون قال بعض الشعراء :

( عصابة إن حج موسى حجوا
وإن أقام بالعراق دجوا )
( ما هكذا كان يكون الحج
)

يعني موسى بن عيسى الهاشمي .

فصل

: إذا لبس الحلال ثوباً مطيباً ، ثم أحرم فيه واستدام لبسه جاز ، ولم تجب عليه الفدية ؛ لأنه لو تطيب وهو حلال ، ثم أحرم واستدام الطيب ، جاز وإن لم يغسله ، فكذلك الثوب ، ولكن لو أحرم في ثوب مطيب ، ثم نزعه وأعاد لبسه في حال إحرامه افتدى ؛ لأنه كالمبتدئ لاستعمال الطيب بعد إحرامه .