الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص93
والثالث : أن حرم المرأة في وجهها فلا تغطيه ، كما كان حرم الرجل في رأسه فلا يغطيه ، لرواية موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ‘ أن رسول الله ( ص ) نهى أن تنتقب المرأة وهي محرمة وتلبس القفازين ‘ . وروى نافع عن ابن عمر موقوفاً ، وبعضهم يرويه مسنداً أن النبي ( ص ) قال : ‘ إحرام المرأة في وجهها فلا تغطيه ‘ .
فإذا ثبت أن على المرأة كشف وجهها في الإحرام ، فليس لها أن تغطي شيئاً منه ، إلا ما استعلى من الجبهة واتصل بقصاص الشعر الذي لا يمكن للمرأة ستر رأسها بالقناع ، إلا بشده ؛ لأن ما لم يمكن ستر العورة إلا به فهو كالعورة في وجوب ستره ، فإن سترت سوى ذلك من وجهها ، بما يماس البشرة ، فعليها الفدية ، قليلاً كان أو كثيراً ، ولو غطته بكفيها ، لم تفتد ، كالرجل يفتدي إذا غطى رأسه ، ولا يفتدي ، إذا غطاه بكفيه ، فإن أسدلت على وجهها ثوباً من غير أن يماس البشرة ، جاز ذلك أن تأخذ ثوباً فتشده عند قصاص الشعر ، كالكور ، وتسدل عليه الثوب وتمسكه بيديها حتى لا يماس وجهها ، فإنما جاز ذلك ، لما روى مجاهد عن عائشة قالت : ‘ كان رسول الله ( ص ) إذا أقبل الراكب يأمرنا أن نسدل على وجوهنا سدلاً ‘ ولأن للمحرم أن يظلل فوق رأسه ويغطيه ، كذلك المحرمة في وجهها .
والرابع : لبس القفازين في كفيها ، فيه قولان منصوصان :
أحدهما : قاله في هذا الموضع فلها لبسهما ، ولا فدية عليها فيها وبه قال سعد بن أبي وقاص ، وأبو حنيفة ؛ لأن رسول الله ( ص ) لما جعل حرم المرأة في وجهها ، دل على انتقائه عن سائر بدنها .
ولأنه شخص محرم ، فوجب أن يتعلق حرمه بموضع واحد من بدنه كالرجل ، ولأن الإحرام لو منع من تغطية كفيها بالقفازين ، لمنع من تغطيتها بالكمين ، كالوجه الذي لا يحرم بتغطيته بشيء دون شيء ، فلما جاز تغطية كفيها بالكمين ، جاز بالقفازين .
والقول الثاني : نص عليه في القديم والأم : ليس لها لبسهما ، فإن لبستهما أو أحدهما فعليها الفدية ، وبه قالت عائشة : وابن عمر لرواية ابن عمر ‘ أن رسول الله ( ص ) نهى أن تنتقب المرأة وهي محرمة وتلبس القفازين ‘ . ولأن ما ليس بعورة من الحرة ، يقتضي أن يتعلق الإحرام به كالوجه ؛ لأن الرجل لما يتعلق حكم الإحرام برأسه في وجوب كشفه تعلق بسائر بدنه في المنع من لبس المخيط فيه ، مع جواز تغطيته كذلك المرأة لما