پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص84

فاهد وامكث حراماً كما أنت قال : فأهدى له علي هدياً ، فدل هذا على جواز الإحرام الموقوف ، ولأن من أحرم عن غيره ولم يكن قد حرم عن نفسه فإن إحرامه يصير عن نفسه ولو أحرم تطوعاً ، أو نذراً ، وعليه حجة الإسلام ، كانت عن حجة الإسلام ، فثبت أن الإحرام ينعقد باعتقاده ، وإن لم يقيده بنسك ، لأنه قد ينوي ما لا يحصل له ، ومن هذا الوجه خالف الصلاة .

فصل

: فإذا ثبت جواز الإحرام الموقوف ، فهو جائز في شهور الحج في الزمان الذي يكون مخيراً فيه من نسكي الحج والعمرة ، ليصرف إحرامه الموقوف إلى ما يشاء من حج أو عمرة ، فأما في غير شهور الحج فلا يصح الإحرام الموقوف ، لأنه زمان لا يصلح لغير العمرة ، فلم يجز أن يكون الإحرام موقوفاً على غير العمرة ، ويصير الإحرام الموقوف منعقداً بالعمرة ، وإذا صح الإحرام الموقوف في شهر الحج ، فقد اختلف أصحابنا ، هل الأولى أن يكون إحرامه موقوفاً ، ليصرفه فيما بعد إلى ما شاء من حج أو عمرة ؟ أو يكون معيناً بنسك من حج أو عمرة ؟ على مذهبين :

أحدهما : أن الموقوف أولى ، لأنه فعل رسول الله ( ص ) وأصحابه ، ولأنه أحرى أن يقدر على صرفه إلى ما يخاف فوته في حج أو عمرة ، لأنه إن كان الوقت واسعاً ، أمكنه تقديم العمرة وإدراك الحج وإن كان ضيقاً قدم الحج ، لأن لا يفوته ثم أحرم بالعمرة .

المذهب الثاني : أن الإحرام المعين أولى ، وقد نص عليه الشافعي في الجامع الكبير ، لرواية جابر بن عبد الله قال : أقام رسول الله ( ص ) بالمدينة لسبع سنين لم يحج ثم أذن في الناس بالحج فانطلق رسول الله ( ص ) وانطلقنا لا نعرف إلا الحج له خرجنا ورسول الله ( ص ) بين أظهرنا ينزل عليه القرآن وهو يفعل ما أمر به ، فقدمنا مكة ، فلما طاف رسول الله ( ص ) بالبيت ، والصفا ، والمروة قال : ‘ من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة ، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ‘ . فدل على أن إحرامهم كان معنياً بالحج ، ولأنه إذا عينه بحج أو عمرة كان ماضياً في نسكه وإن لم يعينه كان منظراً له ، والداخل في نسكه أولى من المنتظر له ، فلو نوى إحراماً موقوفاً لزمه أن يصرفه إلى حج أو عمرة ، فلو طاف وسعى قبل أن يصرفه إلى حج أو عمرة ، لم يجزه عن حج ولا عمرة ، لأنه لم يكن داخلاً في أحدهما .

فصل

: فإذا أحرم إحراماً معيناً لحج أو عمرة ، أو أحرم موقوفاً ، ثم صرفه إلى حج أو عمرة ، فهل يستحب له إظهار ما أحرم في تلبيته ؟ على قولين :

أحدهما : أن الأولى إظهاره في تلبيته ، فيقول : لبيك بحج ، إن كان مفرداً ، أو بعمرة إن كان معتمراً ، أو بحج وعمرة إن كان قارناً ، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه