الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص81
وقال أبو حنيفة يمهل إذا صلى ونص عليه الشافعي في القديم ، استدلالاً برواية سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس إني لأعجب من اختلاف أصحاب النبي ( ص ) في إهلاله ، فبعضهم يقول : إنه أهل في محلته ، وبعضهم يقول : إنه أهل حين انبعثت به راحلته ، وبعضهم يقول : أهل حين أشرف على البيداء ، فقال ابن عباس : أنا أعلم الناس بهذا أتى رسول الله ( ص ) ذا الحليفة ، وصلى ركعتين ، ثم أوجب في محلته ، فلما انبعثت به راحلته أهل ، فلما أشرف على البيداء أهل . وكان الناس يأتونه أرسالاً ، فأدركه قوم فقالوا : أهل رسول الله ( ص ) في محلته أهل حين انبعثت به راحلته ، أهل حين أشرف على البيداء ‘ . والدلالة على أن ما ذهب إليه الشافعي ، أولى ، وهو نصه في الجديد ، والإملاء رواية ابن عمر قال : لم يكن رسول الله ( ص ) يهل إلا حين تنبعث به راحلته . فنفى وأثبت ، والنفي مع الإثبات لا الإثبات المجرد ، بل هو أوكد ، وهذا إخبار عن دوام فعله وروى سعد بن أبي وقاص قال : كان رسول الله ( ص ) إذا أخذ في طريق الفرع أهل حين تنبعث به راحلته و . . . في طريق إحرامه حين أشرف على البيداء . وهو إخبار عن فعله . وروى أبو الزبير عن جابر ‘ أن النبي ( ص ) قال : إذا توجهتم إلى منى ، فأهلوا بالحج ‘ . فدل ما روينا من فعله وقوله ، على أن ما ذهب إليه الشافعي أولى . ولم يكن خبر ابن عباس معارضاً لهذه الأخبار ، لأنها أكثر رواة ، ولأنها تشتمل على قول وفعل . وابن عباس نقل فعلاً مجرداً ولأنهما أخبار عن دوام فعل وابن عباس عن فعل مرة ، على أن خبر ابن عباس يحمل على الجواز ، لأن مجرد الفعل يدل عليه ، وأخبارنا على الاستحباب ، لأن الأمر ودوام الفعل يدل عليه .
قال الماوردي : وهذا كما قال : الإحرام ينعقد لمجرد النية وقال أبو حنيفة : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية حتى يضم إليه أحد شيئين ، إما التلبية ، أو سوق الهدي . فإن ساق الهدي انعقد إحرامه ، وإن لم يلب ولم يسق الهدي لم ينعقد إحرامه ، إلا أن يلبي استدلالاً برواية عائشة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من أراد الحج فليهل ‘ . وهذا أمر وبرواية