الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص80
فأما الجواب على قوله : ‘ المحرم أشعث أغبر ‘ فهو أن تطيبه قبل إحرامه لا يخرجه من أن يكون أشعث أغبر على أن الشعث إنما يزول بالغسل والتنظيف . والمحرم غير ممنوع منه لقوله ( ص ) : ‘ المؤمن نظيف ‘ .
وأما الجواب عن حديث الأعرابي ، فالأمر إنما كان ينزع اللباس وغسل أثر التزعفر عنه ، وذلك غير مباح . لرواية أنس أن النبي ( ص ) ، نهى الرجال عن التزعفر ‘ . وليس فيه دلالة على المنع من التطيب ، ألا تراه لم يأمره بغسل الطيب عن جسده .
وأما حديث عمر وإنكاره على معاوية والبراء ، فإنما ذلك على طريق الندب ، ألا تراه قال حين راجعه معاوية قال : قد علمت أنه يجوز وإنما أنتم صحابة وقدوة ، فخشيت أن يراكم الجاهل فيقتدي بكم ، وهو لا يعلم أن طيبكم قبل الإحرام أو بعده على أن عمر صحابي ، وقد خالفه غيره . حتى روى الحسن بن زيد عن أبيه قال : رأيت ابن عباس وإن على رأسه ، مثل الرب من الغالية ؛ فلم يكن إنكار عمر مع خلاف غيره من الصحابة حجة .
وأما قياسهم على اللباس ؛ فالمعنى فيه أنه لا يستعمل على وجه الإتلاف ، وإنما يلبس لينزع ، فكانت الاستدامة فيه كالابتداء . والطيب يستعمل للإتلاف فلم تكن الاستدامة كالابتداء . وأما قولهم : إنه يدعو إلى الجماع ، فوجب أن يمنع الإحرام من استدامته . فباطل بالنكاح ، لأنه يدعو إلى الجماع ، ولا يمنع الإحرام من استدامته ، فإذا ثبت أنه غير مكروه فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : أنه مستحب ، اقتداء بفعله ( ص ) .
والثاني : وهو أشبه بمذهب الشافعي ، أنه مباح لأنه فعله ، ولم يأمر به .
قال الماوردي : وهذا صحيح يستحب أن يحرم الرجل عقيب صلاة ، فإنه كان وقت صلاة مفروضة ، صلى ( الفرض وإن لم يكن وقت صلاة مفروضة ، صلى ) ركعتين . لرواية جابر وابن عباس أن ‘ النبي ( ص ) أتى ذا الحليفة فصلى ركعتين بعد العصر ببطحائها ثم ركب ‘ .