پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص79

وقال مال : يمنع من الطيب ، فإن تطيب أمر بغسله ، فإن لم يغسله حتى أحرم والطيب عليه لم يقبل وبتحريمه في الصحابة قال عمر وابن عمر ، وفي التابعين الحسن ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وفي الفقهاء محمد بن الحسن ، استدلالاً بما روي عن النبي ( ص ) أنه سئل عن المحرم فقال : ‘ أشعث أغبر ‘ فإذا كانت هذه صفة المحرم وجب أن يمتنع من الطيب ؛ لأنه يزيل هذه الصفة ؛ وروي أن أعرابياً قال : ‘ يا رسول الله أحرمت وعلي جبة مضمخة بالخلوق ، فقال : انزع الجبة ، واغسل الصفرة ‘ . فكان أمره بغسله دليلاً على تحريم استدامته . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى معاوية محرماً ، وعليه طيب فأنكر عليه ، وقال : من طيبك ، فقال : أم حبيبة ، رضي الله عنها فقال : عزمت عليك لترجعن إليها لتغسله عنك كما طيبتك . وروى بشر بن يسار قال : لما أحرمنا ، وجد عمر ريح طيب ، فقال : ممن هذا الريح ؟ فقال البراء بن عازب : مني يا أمير المؤمنين ، فقال : قد علمت أن امرأتك عطرتك أو عطارة ، إنما الحاج الأذفر الأغبر ، ولأنه معنى يترفه به المحرم ، فوجب إذا منع الإحرام من ابتدائه ، أن يمنع من استدامته ، كاللباس ولأن المحرم إنما يمنع من الطيب ؛ لأنه يدعو إلى الجماع ، وهذا موجود في استدامته كوجوده في ابتدائه ، والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه ، رواية القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت : طيبت رسول الله ( ص ) لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : طيبت رسول الله ( ص ) بيدي في حجة الوداع للحل والإحرام .

وروت عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : كنا إذا سافرنا مع رسول الله ( ص ) إلى مكة يضمخ جباهنا بالمسك ، فكنا إذا عرقنا سال على وجوهنا ، ورسول الله ( ص ) ينظر إلينا ونحن محرمات ، فلا ينهانا .

وروى الأسود عن عائشة أنها قالت : رأيت وبيص الطيب في مفارق رسول الله ( ص ) بعد ثلاث من إحرامه ولأنه معنى يراد للبقاء والاستدامة ، فوجب أن لا يمنع الإحرام من استدامته كالنكاح .