پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص75

فصل : وأما القسم الثالث

: وهو أن لا يريد دخول مكة ، ولا شيء من الحرم ، فلا حكم لاجتيازه بالميقات ، وهو كسائر المنازل ، لا يلزمه الإحرام منه ، فإن جاوزه ، ثم أراد الإحرام بحج أو عمرة ، أحرم من موضعه الذي حدثت إرادته فيه ، ولم يلزمه العود إلى ميقات بلده ، وقال أحمد بن حنبل : عليه العود إلى ميقات بلده ، فإن لم يعد فعليه دم ، كمن مر مريداً لميقات بلده ، وهذا غير صحيح ، لأن العود إلى الميقات إنما يجب عليه من لزمه الإحرام من الميقات ، وهذا لم يكن الإحرام من الميقات واجباً عليه ، فلم يكن العود واجباً عليه .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ومن كان أهله دون الميقات ، فميقاته من حيث يحرم من أهله لا يجاوزه ‘ .

قال الماوردي : هذا صحيح ، من كان أهله ومسكنه بين الميقات ومكة كأهل جدة ووج وعسفان ، والطائف ، فميقاته من بلده ودويرة أهله في حجه أو عمرته ولا يلزم أن يحرم من الميقات الذي وراءه لرواية ابن عباس أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من كان أهله دون الميقات ، أهل من حيث ينشئ ‘ يعني من حيث يبتدئ السفر ، وروي عن علي وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا : في ‘ قوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلهِ ) ( البقرة : 196 ) . إن إتمامهما أن تحرم بها من دويرة أهلك ، ولأن المواقيت قدرت لمن كان وراءها ، ولم تقدر لمن كان دونها . ألا ترى أن أهل مكة لا يلزمهم الخروج إلى الميقات وكذا من كان أقرب إلى مكة من الميقات . فإذا ثبت هذا فإن كان منزله في قرية فهي ميقاته ، والمستحب له أن يحرم من أبعد طرفيها إلى الحرم ، وأقل ما عليه أن يحرم من أقرب طرفيها إلى الحرم ، وإن كان منزله في خيام ، فالمستحب له أن يحرم من أبعد طرفي الخيام إلى الحرم ، وأقل ما عليه أن يحرم من أقرب طرفيها إلى الحرم وإن كان منزله منفرداً ، فمنه يحرم ؛ لأنه لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه ، فإن جاوز هؤلاء غير محرمين كانوا كمن جاوز الميقات من أهله غير محرم فعليهم دم إلا أن يعودوا محرمين قبل الطواف ، فلا يجب عليهم فأما من كان مسكنه في طرف من أطراف الحرم ، فهم كأهل مكة لميقاتهم في الحج من موضعهم ، وفي العمرة من أقرب الحل إليهم .

فصل

: فأما من كان مسكنه بين ميقاتين :

أحدهما : أمامه ، والآخر وراءه ، كأهل الأبواء والعرج والسقيا ، والروحاء وبدر والصفراء فمعلوم أن مسكنهم بين ذي الحليفة والجحفة ، وهما ميقاتان ، فذو الحليفة ورائهم ، والجحفة أمامهم ، فينظر في حالهم ، فمن كان منهم في جادة المغرب والشام الذين