الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص60
فإن قيل : في الأيام التي أسقطتموها من صومه لأجل التفريق ، لم يكن فيها مفطراً وكيف يصح أن يكون بين الصومين مفرقاً ؟
قيل الواجب هو التفرقة بين الصومين لا الفطر بينهما ، فإذا فرق بينهما أجزأه ، سواء كان في زمان التفرقة صائماً أو مفطراً ألا ترى أنه لو كان مؤدياً لهذا الصوم في زمانه فصام الثلاثة في الحج وأراد أن يصوم السبعة إذا رجع إلى بلده ، فصام في طريقه فرضاً أو تطوعاً . حتى وصل إلى بلده ، ثم عقبه بصوم السبعة عن تمتعه أجزأه ، وإذا كان ذلك مجزئاً في الأداء كان مجزئاً في القضاء .
قال الماوردي : اعلم أن المتمتع إذا مات قبل تكفيره فلم يخل حال موته من أحد أمرين .
إما أن يكون قبل الفراغ من أركان الحج ، أو بعد الفراغ منها ، فإن كان موته قبل فراغه من أركان الحج فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون موسراً .
والثاني : أن يكون معسراً ، فإن مات معسراً فلا شيء عليه من دم ولا صوم ، أما الدم فلأنه لم يلزمه ، وأما الصوم فلأنه لم يمكنه ، وإن مات موسراً ففي وجوب الدم عليه قولان :
أحدهما : لا دم عليه ؛ لأن الدم إنما وجب لتمتعه بالحج ، وإذا مات قبل كمال أركانه لم يكتمل له الحج ، فوجب أن يكون الدم المتعلق به غير واجب .
والقول الثاني : وهو أصح ، أن الدم واجب ، وهو في ماله لازم ؛ لأن الدم إنما وجب بدخوله في الحج ، والدم إذا وجب في الحج لم يسقط بموته قبل كمال الحج كدم الوطئ وكفارة الأداء .
أحدهما : أن يكون موسراً يكفر بالدم ، فالدم في ماله واجب ، قولاً واحداً ؛ لأن وجوب الدم قد استقر بكمال الحج وما استقر وجوبه من حقوق الأموال لم يسقط بالموت كالديون والزكوات .
والضرب الثاني : أن يكون معسراً ، يكفر بالصوم ، فهذا على ضربين :