الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص58
كما أن تتابع رمضان مستحق في الأداء لتتابع الزمان ، غير مستحق في القضاء لفوات الزمان ، فعلى هذا إن تابع صيام الثلاثة وصيام السبعة أجزأه .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب الشافعي ، أن التفرقة بينهما واجبة ، لأن وجوب التفرقة بينهما كان في الأداء من جهة الفعل لا من جهة الزمان لأنه قال : ( فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجِعْتُمْ ) ( البقرة : 195 ) فجعل السبعة بعد الرجوع ، والرجوع فعل ، لأنه إما أن يراد به الرجوع عن الحج ، أو الرجوع إلى الوطن ، وما كان مستحقاً في الأداء من جهة الفعل ، لم يبطل استحقاقه في القضاء ، وإن مضى ذلك الفعل ، كما أن تتابع صوم الظهار ، ومستحق من جهة الفعل ، فلم يبطل استحقاق تتابعه بمضي ذلك الفعل ، فعلى هذا في قدر التفرقة بينهما وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي سعيد الاصطخري ، يفرق بينهما بأقل ما تكون به التفرقة ، وذلك يوم واحد ؛ لأن التفرقة في الصوم ضد المتابعة ، فلما بطلت المتابعة بإفطار يوم ثبتت التفرقة بإفطار يوم واحد .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وكثير من أصحابنا ، أن قدر التفرقة في القضاء معتبر بحاله في الأداء ؛ لأنه لما وجبت الفرقة في القضاء لثبوتها في الأداء ، وجب أن يكون قدر التفرقة في القضاء قدر ما يقع عليه اسم التفرقة ولا يعتبر في القضاء قدر ما يقع عليه اسم التفرقة ، كما لم يعتبر في الأداء ( قدر ما يقع عليه اسم التفرقة ، فعلى هذا الأداء أصلان ، في كل أصل منهما قولان ) :
أحد الأصلين جواز صيام الثلاثة في أيام التشريق وفي ذلك قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم يجوز .
والثاني : وهو الجديد لا يجوز .
والأصل الثاني : صيام السبعة هل يجوز إذا فرغ من حجه ؟ أو إذا رجع إلى بلده ؟ في ذلك قولان :
أحدهما : وهو قوله في الإملاء : إذا رجع من حجه .
والثاني : وهو قوله في الجديد ، إذا رجع إلى بلده ، فإذا ثبت هذان الأصلان ، كان قدر التفرقة مبنياً عليهما ، فتكون فيهما أربعة أقاويل :
أحدها : يفرق بينهما بيوم ، إذا قيل : إنه يجوز أن يصوم الثلاثة في أيام منى ، ويصوم السبعة إذا فرغ من حجه ، ليقع بهذا اليوم التفرقة بين الصومين .
