پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص54

( فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ في الحَجِّ ) ( البقرة : 196 ) نزلت هذه الآية يوم التروية ، فأمر رسول الله ( ص ) أصحابه بصيام ثلاثة أيامٍ في الحج ولم يبق منها إلا يوم عرفة فعلم أنهم صاموا بقية الثلاثة في أيام التشريق ، لأنها محل لبعض أفعال الحج ، ولرواية الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله ( ص ) أرخص للمتمتع إذا لم يجد الهدي ، أن يصوم أيام التشريق ولحديث عائشة المقدم ذكره ، ثم رجع عن ذلك في الجديد ، ومنع من صيامه للمتمتع ، وغيره لرواية عمرو بن سليم عن أمه قالت : بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على جمل له ينادي ، ويقول : إن رسول الله ( ص ) يقول : إنها أيام طعمٍ وشربٍ فلا يصومها أحدٌ ولرواية عبد الله بن عمرو بن العاص قال دخلنا على عمرو بن العاص بعد الأضحى فقدم لنا طعاماً فقلت : أنا صائم فقال كل وأفطر فإن رسول الله ( ص ) نهانا عن صيامها وأمرنا بإفطارها ، ولأنه زمان لا يصح فيه صوم النفل ، فلا يصح فيه صوم التمتع كزمان رمضان ، ولأنه زمان سن فيه الرمي ، فلم يجز صومه كيوم النحر فأما الآية فالمراد بها بيان الحكم في المستقبل ، وأما حديث ابن عمر فرواه يحيى بن سلام وهو ضعيف ، وأما حديث عائشة فرواه عبد الغفار وهو ضعيف .

فصل

: فإذا لم يصم الثلاثة في أيام الحج حتى خرجت أيام الحج قضاها فيما بعد .

وقال أبو حنيفة : إذا خرجت أيام الحج قبل صيامه لزمه الدم ولم يجزه الصوم ، وقد كان أبو إسحاق المروزي يغلط فيخرجه قولاً ثانياً للشافعي ولا يدل من نص قول أبي حنيفة بقوله تعالى : ( فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ ) ( البقرة : 196 ) فإذا لم يأت بها في الحج ، وأتى بها فيما بعد صار قاضياً ، والقضاء لا يثبت إلا بدليل ، وقياساً على الجمعة التي لا يثبت قضاؤها ، بعد فوات وقتها لتعلق فعلها بزمان ، ويجزيه مخصوص قياساً أنه بدل موقت فوجب أن يكون فوات وقته موجباً للعود إلى مبدله كالجمعة ودليلنا رواية الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : رخص رسول الله ( ص ) في المتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر أن يصوم أيام التشريق مكانها ، ولأنه صوم مخصوص بزمان فوجب أن لا يفوت بفوات وقته أصله صوم رمضان ، ولأنه صوم واجب فجاز أن يؤتى به بعد وقته .