الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص51
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا كملت شروط التمتع الموجبة للدم فله حالان . حال يسار وحال إعسار : فإن كان موسراً فعليه دم شاة تجب عليه بعد فراغه من العمرة ، وعند إحرامه بالحج ، فإذا أحرم بالحج لزمه الدم لأن الشرائط الموجبة للدم لا توجد إلا بعد إهلاله بالحج فإذا أراد أن يأتي بالدم فله أربعة أحوال :
أحدها : حال اختيار وهو أن يأتي به يوم النحر .
والثاني : حال جواز وهو أن يأتي به بعد إحرامه بالحج ، وقبل يوم النحر فعندنا يجزيه .
وقال أبو حنيفة : لا يجزيه إلا في يوم النحر تعلقاً بقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْي مَحِلَّهُ ) ( البقرة : 196 ) ومحل الهدي يوم النحر ، ولأنه إراقه دم هدي فوجب أن لا يجوز قبل يوم النحر قياساً على هدي البلوغ والأضاحي ، ودليلنا قوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّع بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) فعلمنا أن الهدي يلزمه أو يجوز له إذا تمتع بالعمرة إلى الحج ، وفي أيهما كان دليل على ما قلناه ، ولأنه جبران للتمتع فجاز أن يؤتى به قبل يوم النحر ، أصله الصوم ولأنه دم كفارة فجاز ، أن يؤتى به بعد وجوبه ، وقيل يوم النحر قياساً على كفارة الأذى ، وجزاء الصيد فأما قوله تعالى : ( حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحَلَّهُ ) فالمراد بالمحل الدم لا يوم النحر ، بدليل قوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ ) وأما قياسه على هدي التطوع ، والأضاحي فالمعنى فيه أنه لا بدل فيه .