پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص51

فصل

: فإذا صح أن أهل مكة وحاضريها لا دم عليهم في تمتعهم وقرانهم ، فكذلك من دخلها لا يريد حجاً ولا عمرة ثم أراد أن يتمتع أو يقرن فلا دم عليه ، ولكن لو مر بميقات بلده يريد حجاً أو عمرة فلم يحرم من ميقاته حتى دخل مكة ، فعليه إذا أراد الإحرام بحج أو عمرة أن يرجع إلى ميقات بلده نص عليه الشافعي : فإن عاد إلى ميقات بلده ، فعليه دم لتمتعه فلو أحرم من الحل ، ولم يعد إلى ميقات بلده كان عليه دم لمجاوزة الميقات ، ثم نظر في موضع إحرامه ، فإن كان بينه وبين الحرم مسافة تقصر في مثلهما الصلاة فلا دم عليه لتمتعه أن تمتع أو لقران إن قرن وإن كان بينه وبين الحرم مسافة لا تقصر في مثلها الصلاة ، فلا دم عليه لتمتعه ، ولا لقرانه ، لأنه قد صار كحاضري المسجد الحرام .

مسألة

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإن له أن يصوم حين يدخل في الحج ، وهو قول عمرو بن دينار ‘ .

قال الماوردي : وهو كما قال : إذا كملت شروط التمتع الموجبة للدم فله حالان . حال يسار وحال إعسار : فإن كان موسراً فعليه دم شاة تجب عليه بعد فراغه من العمرة ، وعند إحرامه بالحج ، فإذا أحرم بالحج لزمه الدم لأن الشرائط الموجبة للدم لا توجد إلا بعد إهلاله بالحج فإذا أراد أن يأتي بالدم فله أربعة أحوال :

أحدها : حال اختيار وهو أن يأتي به يوم النحر .

والثاني : حال جواز وهو أن يأتي به بعد إحرامه بالحج ، وقبل يوم النحر فعندنا يجزيه .

وقال أبو حنيفة : لا يجزيه إلا في يوم النحر تعلقاً بقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْي مَحِلَّهُ ) ( البقرة : 196 ) ومحل الهدي يوم النحر ، ولأنه إراقه دم هدي فوجب أن لا يجوز قبل يوم النحر قياساً على هدي البلوغ والأضاحي ، ودليلنا قوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّع بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) فعلمنا أن الهدي يلزمه أو يجوز له إذا تمتع بالعمرة إلى الحج ، وفي أيهما كان دليل على ما قلناه ، ولأنه جبران للتمتع فجاز أن يؤتى به قبل يوم النحر ، أصله الصوم ولأنه دم كفارة فجاز ، أن يؤتى به بعد وجوبه ، وقيل يوم النحر قياساً على كفارة الأذى ، وجزاء الصيد فأما قوله تعالى : ( حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحَلَّهُ ) فالمراد بالمحل الدم لا يوم النحر ، بدليل قوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ ) وأما قياسه على هدي التطوع ، والأضاحي فالمعنى فيه أنه لا بدل فيه .