پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص47

حفصة وقولها ما بالهم حلوا ، ولم تحل من عمرتك فمعناه لم تحل من إحرامك فأخبرها ، أنه ليس بمعتمر كأصحابه ، وذكر لها السبب فقال لبدت رأسي ، وقلدت هديي لا أحل حتى أنحر يعني : حتى يحل الحج ، لأن القضاء نزل عليه أن يجعل من كان معه هدي إحرامه حجاً ، ومن لم يكن معه هدي يجعل إحرامه عمرة ، وأما حديث جابر ، وقوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة فليس فيه دليل على أن التمتع أفضل ، ولا أنه خفي عليه الأفضل ، وإنما خرج ذلك على سبب وذلك أنه لما أخبرهم بفسخ حجهم إلى العمرة ، والتحلل منها شق عليهم ، واستعظموه لأمرين :

أحدهما : أنهم رأوه مقيماً على إحرامه لم يتحلل منه فظنوا أنه أراد بهم التخفيف والتسهيل فتوقفوا عن المبادرة عنه في الأغلظ دون الأخف .

والثاني : أنهم كانوا يستعظمون العمرة في أشهر الحج ، ويرون ذلك من أعظم الكبائر فلما دعاهم إلى التحلل بعمل عمرة عظم عليهم ، وقالوا : كيف نعدوا إلى من ومذاكيرنا تقطر منياً يعنون به استباحة النساء بين الإحرامين ، فقال ( ص ) إما على طريق الزجر لهم ، أو التطيب لنفوسهم ما قاله بمعنى إني لو علمت أنكم تختلفون عليّ أو تتوقفون لما سقت الهدي الذي قد منعنى من التحلل ولجعلتها عمرة حتى أكون مثلكم ، فإن قيل : فكيف يمنعه سوق الهدى من التحلل بالعمرة وهذا غير مانع بل نحر الهدايا ، إذا وصلت إلى الحرم جائز قيل له : فيه ثلاثة معان :

أحدها : أنه لما أمر أصحابه بفسخ حجهم إلى العمرة شق عليهم ، وكان أكثرهم لا هدي معه بل روي أنه لم يكن فيهم من ساق هدياً إلا رسول الله ( ص ) ، وطلحة بن عبيد الله فجعل سوق الهدي علماً في جواز البقاء على الحج .

والثاني : أنه كان قد أوجب على نفسه سوق هديه إلى محله بالحج ، وأنه لا ينحرها إلى يوم النحر عند التحلل ، فلذلك ما امتنع .

والثالث : أنه لم يأمن أن نحر هديه بمكة عند إحلاله ، من عمرته بين الصفا والمروة أن يصير الموضع سنة لنحر الهدي ، ومعدناً للأنجاس فيضيق على أهل مكة ويستضروا فإن نحر هديه إلى إحلاله بحجه من منى ، وأي هذه المعاني كان فقد زال اليوم حكمه .

فصل

: فإذا صح ما ذكرنا من تفضيل الإفراد على القران ، وعلى التمتع في أحد القولين ، فإنما أراد الحج إذا أعقبه بفعل العمرة في عامه ، فأما وهو يريد تأخير العمرة عن عام حجه فالتمتع والقران أولى ، لما يجوزه من فضل المبادرة ، والتعجيل وإن تأخير العمرة عن الحج مكروه روى عامر بن ربيعة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسوله