الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص45
لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة فتأسف على فوات العمرة ، وهو لا يتأسف إلا على فوات الأفضل وهذا يعضد ما تقدم .
وروي عن جابر ، وهو صاحب المناسك وأحسن الجماعة سياقاً لها أن رسول الله ( ص ) أحرم سنة تسع إحراماً موقوفاً لا بحجٍ ولا بعمرةٍ فلما بلغ بين الصفا والمروة وقف ينتظر القضاء ، ثم أهل بالحج وروى زيد بن أسلم أن رجلاً سأل ابن عمر عن إهلال رسول الله ( ص ) فقال أقرن الحج فأتاه في السنة الثانية فسأله عن إهلال رسول الله ( ص ) قد أنبأناك به في العام الأول فقال الرجل : إن أنس بن مالك أتانا فقال : إن رسول الله ( ص ) قرن فقال إن أنس بن مالك كان يحج على النساء وهن مكشفات الرؤوس من صغره وأنا تحت ناقة رسول الله ( ص ) يمسني لعابها وكنت أسمعه يقول لبيك بحج وروى نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) استعمل عتاب بن أسيد على الحج سنة ثمان فأفرد الحج ثم استعمل أبا بكر رضي الله عنه سنة تسع فأفرد الحج ثم حج النبي ( ص ) فاستخلف أبو بكر عمر على الحج سنة إحدى عشرة فأفرد الحج ، ثم استخلفه سنة اثنتي عشرة فأفرد الحج ثم توفي أبو بكر رضي الله عنه واستخلف عمر رضي الله عنه ، فبعث عبد الرحمن بن عوف سنة ثلاث عشرة ، فأفرد الحج ثم حج عمر فأفرد الحج في تسع حجج ، ثم توفي عمر ، واستخلف عثمان ، فأفرد الحج فثبت بهذه الرواية أن رسول الله ( ص ) وأبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف رضوان الله عليهم أفردوا الحج ، ولأن المفرد يأتي بعمل العبادتين على كمالها من غير أن يخل بشيء منها ، فكان أولى من القارن الذي قد أدخل إحدى العبادتين في الأخرى ، واقتصر على عمل إحديهما ولأن إيقاع العشرة في أشهر الحج رخصة ، وإيقاعها في غير أشهر الحج عزيمة لأنهم كانوا في أول الإسلام يمتنعون من العمرة في أشهر الحج ، حتى أرخص فيها رسول الله ( ص ) ، والأخذ بالعزيمة أولى من الرخصة ، ألا ترى أنه لما كان الجمع بين الصلاتين في وقت إحديهما رخصة ، كان فعل كل واحدة منهما ، في وقتها أفضل من الحج بينهما في وقت إحديهما ولأن التمتع والقران يجب فيهما دم ، والدماء الواجبة في