الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص44
لا اختلاف بين الفقهاء في جواز الإفراد والتمتع والقران ، وإنما اختلفوا في الأفضل من ذلك والأولى ، فللشافعي في ذلك قولان :
أحدهما : أن الإفراد أفضل وبه قال مالك .
والقول الثاني : أن التمتع أفضل وبه قال أحمد وإسحاق وأصحاب الآثار ، وهما أفضل من القران وقال أبو حنيفة والمزني : القران أفضل منها تعلقاً برواية عمر بن الخطاب وأنس وعمران بن حصين أن رسول الله ( ص ) قرن بين الحج ، وقال أنس وسمعته يقول : لبيك بحجة وعمرة ، وبما روي أن علي بن أبي طالب عليه السلام وأبا موسى الأشعري أحرما باليمن ، وقال إهلالاً كإهلال رسول الله ( ص ) أنه قال : سقت الهدي وقرنت وروى عمر بن الخطاب أن النبي ( ص ) قال وهو بالعقيرة : أتاني آتٍ من ربي هذه الليلة فقال : صل في هذا الوادي ركعتين وقل عمرةٌ في حجةٍ قالوا : فإذا ثبت عنه أنه قرن وهو لا يختار لنفسه إلا أفضل الأعمال دل على أن القران أفضل من التمتع والإفراد قالوا : وقد روى عمر بن الخطاب أنه قال للصبي بن معبد وقد قرن : هديت لسنة نبيك قالوا : ولأن في القران تعجيل العملين ، والإتيان بهما من أشرف الزمانين فكان أولى من إفرادهما في زمانين أحدهما أشرف من الآخر قالوا : ولأن في القران زيادة ، وهو دوم نسك لا جبران ونقص لأمرين .
أحدهما : جواز أكله منه لقوله تعالى : ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا ) ( الحج : 36 ) ولو كان دم جبران لمنع من أكله لجزاء الصيد .
والثاني : إن ما دخله الدم على وجه الجبران فهو ممنوع من الدخول فيه إلا بعذر كالحلق واللباس ، فلما جاز له القران من غير عذر علق على أن الدم المتعلق به دم نسك .