الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص34
وقال في القديم : وأحكام القرآن ما يدل على أنها سنة مؤكدة .
وبه قال من الصحابة عبد الله بن مسعود .
ومن التابعين عامر الشعبي .
ومن الفقهاء مالك ، وأبو حنيفة ، فمن أصحابنا من خرجه قولاً ثانياً ، ومن أصحابنا من قال إنما ذكره حكاية عن مذهب غيره .
واستدل من قال إنها سنة بما روى الحجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله ( ص ) سئل عن العمرة أواجبة فقال لا وأن تعتمر خير لك وبما روى معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي أن النبي ( ص ) قال : الحج جهادٌ والعمرة تطوع وبقوله ( ص ) دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة .
قالوا : ولأنه نسك يفعل على وجه التتبع ليس له وقت معين كالصلاة فوجب أن لا يكون واجباً كطواف اللزوم ، ولأن كل عبادة كانت واجبة بأصل الشرع كان لها وقت معين كالصلاة والصيام والحج ، فلما لم يكن للعمرة وقت معين علم أنها غير واجبة بأصل الشرع كالاعتكاف قالوا : ولأن كل عبادة اختصت بزمان كان جنسها نفل يتكرر ، في غير وقتها كالصلاة والصيام فلما لم يكن من جنس الحج نفل يتكرر في غير وقته ، دل على أن العمرة نفل الحج لتكررها في غير وقته .
والدلالة على وجوبها قوله تعالى : ( فَأَتِمّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ ) ( البقرة : 196 ) وفيه قرأتان :
إحداهما : قرأ بها ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما تعالى : ( وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ ) ( البقرة : 196 ) والقراءة الشاذة إذا صحت جرت مجرى خبر الواحد في وجوب العمل به .
والثانية : قراءة الجماعة ( وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ ) ( البقرة : 196 ) والدلالة فيها من وجهين :