الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص24
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ أنزلت فريضة الحج بعد الهجرة وأمر رسول الله ( ص ) أبا بكر على الحج وتخلف ( ص ) بالمدينة بعد منصرفه من تبوك لا محارباً ولا مشغولاً بشيء وتخلف أكثر المسلمين قادرين على الحج وأزواج رسول الله ( ص ) ولو كان كمن ترك الصلاة حتى يخرج وقتها ما ترك رسول الله ( ص ) الفرض ولا ترك المتخلفون عنه ولم يحج ( ص ) بعد فرض الحج إلا حجة الإسلام وهي حجة الوداع وروي عن جابر بن عبد الله أن النبي ( ص ) أقام بالمدينة تسع سنين ولم يحج ثم حج ( قال الشافعي ) فوقت الحج ما بين أن يجب عليه إلى أن يموت ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
كل من لزمه فرض الحج فالأولى به تقديمه ويجوز له تأخيره ، وفعله متى شاء وبه قال من الصحابة جابر وابن عباس وأنس رضي الله عنهم ومن التابعين عطاء وطاوس ، ومن الفقهاء الأوزاعي والثوري وقال مالك والمزني ، وأبو يوسف فرض الحج على الفور لا يجوز تأخيره لمن قدر عليه ، وليس لأبي حنيفة فيه نص ، ومن أصحابه من قال : هو قياس مذهبه استدلالاً برواية سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال : تعجلوا الحج فإن أحدكم ما يدري ما يعرض له وبقوله ( ص ) عجلوا الحج قبل أن يمرض الصحيح ويضل الضال وبقوله ( ص ) ‘ حجوا قبل أن لا تحجوا ‘ فأمر بالمبادرة ، وبرواية علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله ( ص ) أنه قال : من وجد زاداً وراحلةً تبلغه البيت فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً ‘ ولأنها عبادة لها وقت معلوم ، لا تفعل في السنة إلا مرة ، فوجب أن تكون على الفور كالصيام قال : ولأنه لو مات قبل أداء الحج مات آثماً ، فلولا أنه على الفور لم يأثم بتأخيره ودليلنا ، هو أن فريضة الحج نزلت سنة ست من الهجرة ، وتخلف