الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص22
( ص ) ، ولا يجوز بعده وكان السبب في فسخ الحج إلى العمرة على ما ذكر أنهم كانوا يعتقدون أن فعل العمرة في أشهر الحج لا يجوز حتى كانوا يقولون : إذا برأ الدبر وعفي الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر ، ويدل على ما قلنا : إن الإحرام فعل من أفعال الحج ، فوجب أن لا يجوز له أن يفعله عن غيره قبل أن يفعله عن نفسه .
أصله : إذا كان عليه طواف الزيارة وطواف عن غيره ، ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة فلم يجز أن يؤديها عن غيره ، مع وجوب فرضها عليه كالجهاد فأما حديث الخثعمية ، فالجواب عنه ما روي أنها سألته ، وقد رفع من مزدلفة إلى منى فكان الظاهر من حالها ، أنها قد أدت فرض الحج عن نفسها سيما وقد شاهدها في المواقف مع الناس وعلى أنها قصدت بالسؤال بعرفة وجوب الحج على أبيها ، ولم تقصد به صفة الحج وكيفية النيابة فيه وأما حديث نبيشة فرواية الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس ، وقد روي بإسناده أنه قال : حج عن نفسك ثم حج عن نبيشة .
وأما قياسهم على الزكاة فالمعنى فيه : جواز النيابة فيه مع القدرة على أدائه ، والحج لا يصح فيه النيابة مع القدرة عليه .
قال الماوردي : وهذه المسألة مبنية على التي قبلها ، والخلاف فيها مع أبي حنيفة واحد فإذا أحرم تطوعاً وعليه حجة الإسلام كانت عن فرضه وعند أبي حنيفة تكون تطوعاً بناء على أصله ، وليس بصحيح ، لأن رسول الله ( ص ) لما جعل إحرامه على الغير إحراماً عن نفسه ، لأنه كان الأولى بحاله وجب أن يكون إحرامه عن التطوع ، إحراماً عن الفرض ، لأنه