الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص21
‘ لبيك عن شبرمة ‘ فقال : ويحك ! ‘ ومن شبرمة ؟ ‘ فأخبره فقال ‘ احجج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال ليس لمن لم يؤد فرض الحج عن نفسه أن يحج عن غيره سواء أمكنه الحج أم لا . وبه قال ابن عباس والأوزاعي وهو قول أحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك : يجوز أن يحج عن غيره وإن لم يحج عن نفسه ، وقال الثوري إن أمكنه أن يحج عن نفسه فليس له أن يحج عن غيره ، وإن لم يمكنه جاز ، واستدلوا بحديث الخثعمية قالت : إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً ، فهل ترى أن أحج عنه ؟ قال : نعم وفيه دليلان :
أحدهما : أنه لم يشترط ، تقدم حجها عن نفسها .
والثاني : أنه شبه قضاء الحج بقضاء الدين وبرواية طاوس عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) سمع رجلاً يلبي عن نبيشة فقال : حج عن نبيشةٍ ثم حج عن نفسك وهذا نص ولأنها عبادة تدخلها النيابة فجاز أن يفعلها عن غيره ، وإن كان عليها مثلها كالزكاة . ودليلنا رواية أبي الزبير عن جابر أن رسول الله ( ص ) سمع رجلاً يلبي عن شبرمةٍِ فقال له : أحججت عن نفسك قال : لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة .
وروى عطاء عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) سمع رجلاً يلبي عن شبرمةٍ فقال : إن كنت حججت عن نفسك فلب عنه وإلا فلب عن نفسك .
فأمره أن يقدم حج نفسه على حج غيره .
فإن قيل : فهذا الخبر يقتضي أن يكون قد انعقد إحرامه بالحج عن غيره ، ثم أمره بنقله إلى نفسه ، وهذا خلاف قولكم لأنكم تزعمون أن الإحرام قد انعقد عنه لا عن غيره .
قيل إنما أمره أن ينقل التلبية لا الإحرام ، بدليل قوله : إن كنت حججت عن نفسك فلب عنه وإلا فلب عن نفسك .
فإن قيل : فيجوز أن يكون رسول الله ( ص ) أمره بفسخ ما انعقد من الإحرام عن غيره ، وتجديد الإحرام عن نفسه لأنه وقت كان الفسخ جائزاً فيه ، ألا ترى أن النبي ( ص ) فسخ الحج على أصحابه ، ونقلهم إلى العمرة قيل : هذا غلط ، لأن الفسخ كان على عهد رسول الله