الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص18
والثاني : أن عمله في ذلك لم يتلف لأنه قد أسقط بذلك عليه ، فبهذين الفرقين اختلفا في رد الأجرة .
قال الماوردي : وهذا صحيح أما قوله : عام جدب يريد به أمرين :
أحدهما : قلة العشب في الطريق ، والكلأ .
والثاني : عدم الميرة ، والزاد أو وجوده بأكثر من ثمن مثله ، في وقته في المكان الذي جرت عادة الناس أن يتزودوا منه ، لأن الواجد للشيء بأكثر من ثمن مثله ، في حكم العادم له كالمسافر يتيمم إذا عدم الماء فإذا وجده بأكثر من ثمنه تيمم أيضاً ، وأما قوله أو عطش يريد به عدم الماء في طريقه ، أو وجوده بأكثر من ثمنه وأما قوله ولم يقدر على ما لا بد له منه يريد الزاد والراحلة وما لا يستغنى عنه من قربة ، أو محمل أو زاملة ، والحكم في عدمه كالحكم في عدم الزاد والراحلة ، وأما قوله : أو كان خوف عدو يريد مانعاً من الحج ، إما بطلب مال ، أو نفس ، ويكون ذلك عاماً فأما إن طلب واحداً بعينه لم يكن ذلك عذراً في إسقاط الحج عنه ، وكان كالمريض لإمكان فعل الحج عنه ، فإذا كان ما ذكرناه من هذه الأعذار ، أو كان شيء منها سقط فرض الحج لأجلها وبالله التوفيق .
قال الماوردي : أما أهل البر إذا تعذر عليهم ركوب البر لخوف فيه ، أو مانع وأمكنهم ركوب البحر ، فليس عليهم ركوبه ، وفرض الحج ساقط عنهم ما كانت هذه حالهم لما يعترضهم في البحر من عظيم الخوف ، ومن قوله ( ص ) ‘ البحر نارٌ في نارٍ ‘ وأما سكان البحر ومن لا طريق له في البر ، فركوب البحر يلزمهم في الحج إذا أمكنهم سلوكه ، وكان غالبه السلامة فإذا اعترضهم الخوف فهم كأهل البر إذا خافوا ، هذا مذهب الشافعي ومنصوصه ، فلا معنى لما تأوله بعض أصحابنا أن ذلك في الأنهار والبحار الصغار ، بل لا فرق بين صغار البحر وكبارها والله تعالى أعلم بالصواب .