پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص14

قيل : فالأولى دفع المال إليهم ، والحج معهم أو الكف عن ذلك المقام ، قلنا : إن كان طالب المال كافراً فالأولى الكف عن دفع المال إليه ، والقعود عن الحج ، وإن كان طالب المال مسلماً ، فالأولى دفع المال إليه ، والخروج معه إن كان مأموناً ، ولو قدر على قتاله ، وأن يمنعه عن ماله ونفسه لم يلزمه أن يقاتله ، لأنه لو أحرم بالحج ثم حصره العدو كان له الإحلال من إحرامه ، وإن قدر على قتاله فلأن لا يلزمه ذلك قبل الإحرام أولى ، فهذه أقسام الاستطاعة في الحج ، والله الموفق .

فصل

: ليس لمن قدر على الحج بنفسه أن يستأجر من يحج عنه في حياته فإن فعل لم يجزه ، فلو أن مريضاً ترجى سلامته ، وقد لزمه فرض الحج لم يكن له أن يستأجر من يحج عنه ، وقال أبو حنيفة له أن يستأجر من يحج عنه ، كالمعضوب لأنه عاجز عن الحج بنفسه ، وهذا غلط لأنه وإن كان عاجزاً في الحال ، فهو غير مأيوس منه فصار كالمحبوس ، وفارق المعضوب ، لأنه مأيوس منه وإن استأجر من يحج عنه نظر في حاله ، فإن صح من مرضه لم يجزه عن فرضه ، وإن مات في مرضه نظر في موته ، فإن كان قبل أن يحج عنه ، فقد أجزأه لوقوع الحج بعد موته في زمان تصح فيه النيابة عنه ، وإن كان موته بعد أن حج عنه ، ففي إجزائه قولان :

أصحهما : لا يجزي اعتباراً بالابتداء .

والقول الثاني : يجزي اعتباراً بالانتهاء ، ولو كان مريضاً لا ترجى سلامته ولا برؤه لكونه زمناً أو معضوياً ، جاز له أن يستأجر من يحج عنه في حياته لوجود الإياس من برئه ، فإن استأجر من يحج عنه ثم مات في مرضه ذلك قبل برئه أجزأه ذلك قولاً واحداً ، وإن صح من مرضه ، وصار إلى حالة يقدر فيها على الحج بنفسه نظر ، فإن حج عنه بعد صحته لم يجزه وإن حج عنه قبل صحته ، فالصحيح من مذهب الشافعي وما نص عليه أن ما مضى لا يجزيه ، وفرض الحج باق عليه لفقد ما به من الإياس ، وفيه قول آخر أنه يجزيه وليس بصحيح .

فصل

: فأما الأعمى إذا قدر على الزاد والراحلة ، ووجد من يقوده فعليه الحج بنفسه ، وليس له أن يستأجر من يحج عنه وقال أبو حنيفة : لا يلزمه فرض الحج بنفسه ، فإن استأجر من يحج عنه جاز قال لأن الحج عبادة تعلقت بقطع مسافة فوجب أن لا تلزم الأعمى كالمجاهد وهذا خطأ لأن العمى ليس فيه أكثر من فقد الهداية بالطريق ، ومواضع النسك والجهل بذلك لا يسقط ، وجوب القصد كالبصير يستوي حكم العالم به ، والجاهل إذا وجد دليلاً فكذلك الأعمى ولأنه فقد حاسته فلم يسقط بها فرض الحج بنفسه ، كالصمم فلو كان