الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص12
واقعة عن نفسه ، لأن الحج على الحي لا يصح بغير إذنه ، وكان فرض الحج باقياً على المبذول له .
أحدهما : لحوق المنة في قبول المال وعدمها في قبول الطاعة ، لأن في بعض العبادات ما يلزم الاستغناء به فيها بالغير كاستعارة ثوب وتعرف القبلة ، وليس عبادة يلزم الاستغناء به فيها بمال الغير .
والثاني : أن في قبول المال ومملكه إيجاب سبب يلزمه به الفرض ، وهو القبول وربما حدثت عليه حقوق كانت ساقطة ، فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين ، وليس كذلك بذل الطاعة لأنه إذا علمه طايعاً ، فقد لزمه الفرض من غير إحداث سبب ، ولا خوف ما يلزمه صرف الطاعة إليه ، فبان الفرق بينهما ، وإن كان الباذل والداً فعلى وجهين :
أصحهما : لا يلزمه قبول المال منه لما ذكرناه .
والوجه الثاني : يلزمه قبول المال منه لأن الابن يخالف غيره في باب المنة ، فأما إن بذل له المال صار فرضاً في ذمته ، فلا يختلف المذهب أنه لا يلزمه قبوله ، ولا حج عليه لما يتعلق من الدين بذمته ، والمروي عن طارق عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال : قلت يا رسول الله إذا وجد من يستقرض منه أيلزمه الحج فقال : ‘ لا ‘ .
إما أن يكون له أهل ببلده ، أو لا أهل له فإن كان له أهل ببلده لم يلزمه الحج حتى يجد نفقة ذهابه وعوده لما في ذلك من انقطاع أهله ، وتضييعهم ومقاساة الوحشة في البعد عنهم ولقوله ( ص ) كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت وإن لم يكن له أهل ببلده وقد وجد نفقة ذهابه دون عوده ، ففي وجوب الحج عليه وجهان :
أحدهما : قد وجب الحج عليه لأن مقامه بمكة كمقامه ببلده إذا لم يكن له أهل .