پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص11

أحدهما : وهو الصحيح وقد نص عليه الشافعي في ‘ الإملاء ‘ والمبسوط ، أنه كالولد في لزوم الفرض ببذل طاعته ، لكونه مستطيعاً للحج في الحالين .

والوجه الثاني : أن الفرض لا يلزم ببذل غير ولده لما يلحقه من . . في قبوله ، ولأن حكم الوالد مخالف لغيره في القصاص وحد القذف ، والرجوع في الهبة مخالف غيره في بذل الطاعة وهذا القول اعتذار وتقريب خارج عن معنى الأصل .

فصل

: فإذا كملت الشرائط التي يلزم بها فرض الحج ببذل الطاعة ، فعلى المبذول له الطاعة أن يأذن للباذل أن يحج عنه ، بوجوب الفرض عليه إذا أذن له ، وقبل الباذل إذنه ، فقد لزمه أن يحج عنه متى شاء ، وليس له الرجوع بعد القبول ، فإن قيل : فبذله للطاعة وقبوله للإذن جار مجرى الهبة قبل القبض فاقتضى أن يكون مخيراً في الرجوع قبل الإحرام ، قيل : قد ذهب إلى هذا بعض أصحابنا البصريين ، وليس بصحيح لأن بذله للطاعة قد ألزم غيره فرضاً لم يكن ، وفي رجوعه إسقاط للفرض قبل أدائه ، ولا يجوز إسقاط الفرض بعد وجوبه إلا بأدائه ، فلذلك لم يكن له الرجوع بعد البذل والقبول ، وليست الهبة من هذا السبيل على أن قبوله الإذن بعد البذل يجري مجرى الهبة بعد القبض فإن قيل : فلو بذل الماء لغيره في السفر عند عدمه ، لم يلزمه إقباضه وجاز له الرجوع فيه ، وإن كان قد ألزم غيره فرضاً ببذله فهلا كان في بذل الحج كذلك ، قيل الفرق بينهما ، من وجهين :

أحدهما : أن بذل الماء ليس بموجب لفرض الطهارة ، وإنما غير صفة الأداء وبذل الحج أوجب فرضه .

والثاني : أن المبذول له الماء يرجع إلى بذل يقوم مقام استعمال الماء ، وهو التيمم وليس للحج بدل يرجع إليه المبذول له ، فافترقا من هذين الوجهين فإذا تقرر هذا فعلى المبذول له أن يأذن ، وعلى الباذل أن يحج فإن امتنع المبذول له من الإذن ، فهل يقوم الحاكم مقامه في الإذن للباذل أم لا على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق يقوم الحاكم مقامه ، فيأذن للباذل في الحج لأن الإذن قد لزمه ومتى امتنع من فعل ما وجب عليه ، قام الحاكم مقامه في استيفاء ما لزمه كالدين .

والوجه الثاني : وهو الصحيح إن أذن الحاكم لا يقوم مقام إذنه لأن البذل كان لغيره ، فإن أذن المبذول له قبل وفاته انتقل الفرض عنهم إلى الباذل ، وإن لم يأذن حتى مات لقي الله سبحانه ، وفرض الحج واجب عليه ، فلو حج الباذل بغير إذن المبذول له كانت الحجة