پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص10

عن أبيك واعتمر فأوجب عليه الحج والعمرة عن أبيه ، ولا يلزمه ذلك عن أبيه إلا ببذل الطاعة له ، فإن قيل : فيجوز أن يكون الآب موسراُ فلزمه الفرض بيساره ، لا بابنه قيل الفرض باليسار ، لا يتوجه إلى الابن وإنما يتوجه إلى الأب وروى ابن سيرين عن أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي ( ص ) فقال إن أمي أسلمت وهي كبيرةٌ لا تستمسك على الراحلة فأمره أن يحج عنها ولأن كل من لزمه الحج نذراً جاز أن يلزمه الحج فرضا كالمعضوب الموسر ، ولأنه قادر على فعل الحج عن نفسه فوجب ، أن يلزمه فرضه كالقادر عليه بنفسه ، فأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ السبيل زادٌ وراحلةٌ ‘ فالمراد به من استطاع زاداً وراحلة ، وهو بطاعة الغير له مستطيع ، وأما قياسهم على الصلاة فنقول بموجبه لأنهم قالوا فوجب أن يلزمه ببذل الطاعة ، ونحن نقول لا يلزمه بذل الطاعة ، وإنما يلزمه بالاستطاعة ، على أن المعنى فيه أنه مما لا تصح النيابة فيه ، وأما قولهم إن العبادات ضربان فباطل بزكاة الفطر لأنها من عبادات الأبدان ، ثم تجب على الغير ، وتبطل أيضاً بالدية على العاقلة .

فصل

: فإذا تقرر أن الحج له لازم ببذل الطاعة ، فإن ذلك معتبر بأربع شرائط :

أحدها : أن يكون الباذل من أهل الحج فيجمع البلوغ والحرية والإسلام ، لأن من لا يصح منه أداء الحج عن نفسه لا تصح النيابة فيه عن غيره .

والثاني : أن يكون قد أدى فرض الحج عن نفسه لتصح النيابة عن غيره .

والثالث : أن يكون واجداً للزاد والراحلة لأنه لما كان ذلك معتبراً في المبذول له كان اعتباره في الباذل أولى إذ ليس حال الباذل أوكد من التزام الفرض من المبذول له ، ومن أصحابنا من لم يعتبر هذا الشرط في بلده للطاعة ، وإن اعتبره في فرض نفسه ، لأن التزام الطاعة باختياره ، فصار كحج النذر ، وخالف بهما ابتداء الفرض .

والرابع : أن يكون المبذول له واثقاً بطاعة الباذل ، عالماً أنه متى أمره بالحج امتثل أمره ، لأن قدرة الباذل قد أقيمت مقام قدرته فافتقر إلى الثقة بطاعته ، فأما إن كان ذلك عرضاً لا يوثق به فلا يلزم ، فإذا اجتمعت هذه الشرائط الأربعة نظر حينئذ في الباذل فإن كان من والديه أباً أو أماً أو مولود به ابناً أو بنتاً فقد لزمه الفرض ببذله ، وإن كان غير ولد ولا والد ففي لزوم الفرض ببذله وجهان :