الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص4
عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال كان أول من أجاب دعوة إبراهيم بالحج بالتلبية أهل اليمن ، وقال تعالى : ( وَأَتِمّوا الحجَّ وَالعُمْرَةَ لِلهِ ) ( البقرة : 196 ) أي افعلوها على التمام وقال تعالى : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران : 97 ) الآية وفي قوله : ( وَمَنْ كَفَرَ ) ( آل عمران : 97 ) ثلاثة تأويلات :
أحدها : وهو قول عكرمة ، ومن كفر من أهل الملل ، ( فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ) ( آل عمران : 97 ) رواه الشافعي عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عكرمة قال : لما نزلت ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْر الإسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) ( آل عمران : 85 ) قالت اليهود : فنحن المسلمون ، فقال الله تعالى لنبيه ( ص ) فحجهم فقال لهم النبي ( ص ) فحجوا فقال لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا قال عكرمة ، ومن كفر من أهل الملل فإن الله غني عن العالمين قال الشافعي : وما أشبه ما قال عكرمة عن مسلم عن سعيد بما قال .
والتأويل الثاني : وهو قول مجاهد في قوله : ومن كفر هو من إن حج لم يره براً وإن جلس لم يره مأثماً ورواه الشافعي عن مسلم عن سعيد عن ابن جريج .
والتأويل الثالث : وهو قول سعيد بن سالم ، ومن كفر بفرض الحج ، فإن الله غني عن العالمين ، وأكد ذلك بما روي عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ بني الإسلام على خمسٍ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام رمضان ‘ وروي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم وحجوا بيت ربكم تدخلوا جنة ربكم ‘ وروى أبو هريرة أن رسول الله ( ص ) صعد المنبر وقال ‘ إن الله فرض عليكم الحج فقام رجلٌ فقال أفي كل عامٍ فلم يجبه فأعاد ثالثةً فقال لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ، ولو تركتموها لكفرتم ألا وادعوني ما وادعتكم ‘ وروى أبو أمامة قال قال رسول الله ( ص ) من لم يمنعه من الحج حاجةٌ ظاهرةٌ أو مرضٌ حابسٌ أو سلطانٌ جائر فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً قيل : من يره واجباً كاليهود والنصارى ، وقيل بل على سبيل التغليظ والزجر ، وروى محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ص ) : حجوا قبل أن لا تحجوا قالوا : وما شأن الحج قال : يقعد أعرابها على أدناب أوديتها فلا يصل إلى الحج أحدٌ .