پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج3-ص504

متتابعاً ، فإذا اعتكفت المرأة ثم وجب عليها العدة بطلاق زوجها ، أو وفاته لزمها الخروج إلى منزلها لتقضي فيه عدتها ، وقال مالك تكمل اعتكافها ، ثم تخرج لقضاء عدتها ، وهذا خطأ لأن الحقين إذا وجبا قدم أقواهما ، والعدة أقوى من الاعتكاف من وجهين :

أحدهما : أن العدة وجبت ابتداء من قبل الله تعالى ، والاعتكاف وجب عليها بإيجابها .

والثاني : أن العدة لا يجوز تبعيضها ، والخروج منها قبل إتمامها ، والاعتكاف يجوز تبعيضه ، والخروج منه قبل إتمامه لعارض أو حاجة ، فلهذين ما وجب تقدم العدة على الاعتكاف ، فإذا قضت عدتها عادت إلى اعتكافها فبنت عليه ، لأنها خرجت اضطراراً لا اختياراً ، فإن قيل : فهلا استوى حكم الخروج للعدة ، والخروج للشهادة في بطلان الاعتكاف في الموضعين أو جواز البناء على الاعتكاف في الموضعين قيل : قد كان أبو العباس بن سريج يخرج في العدة قولاً من الشهادة وفي الشهادة قولاً من العدة ، فيجعلها على قولين ، والصحيح الفرق بين المسألتين ، والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن المقصود من الشهادة هو الأداء ، فإذا تحملها مختاراً كان خروجه لأدائها مختاراً وليس المقصود من النكاح الفرقة الموجبة للعدة ، وإنما يقصد به الألفة فلم يكن اختيارها للنكاح اختيارا لوجوب العدة .

والثاني : أ ، بالمرأة إلى النكاح ضرورة ، لأنه كسبها ، وبه تستفيد المهر والنفقة وليست الشهادة كسباً للشاهد ، فلم يكن به إلى تحملها ضرورة ، ومثال العدة من الشهادة أن يضطر إلى تحمل الشهادة ، وتتعين عليه لعدم غيره ، فهذا إذا أخرج للأداء لم يبطل اعتكافه ، ومثال الشهادة من العدة أن يجعل إليها طلاقها ، فتختار الطلاق ، فإذا خرجت للعدة بطل اعتكافها والله أعلم .

فصل

: وإذا حاضت المرأة في اعتكافها ، خرجت من المسجد ، فإذا طهرت عادت إلى اعتكافها وبنت لأنها مضطرة إلى الخروج ممنوعة من المقام ، فأما المستحاضة فليس لها الخروج من اعتكافها لأن الاستحاضة لا تمنع من المقام في المسجد ، وإن خرجت بطل اعتكافها .

مسألة :

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا بأس أن توضع المائدة في المسجد وغسل اليدين في الطشت ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح لأن الاعتكاف ، لا يمنع من شيء من ذلك ، ولأن أكله على المائدة ، وغسل يديه في الطشت ، أصون للمسجد ، وأحرى أن لا يناله ما يتأذى به